وأخيرا، انتصرت العدالة لفاطمة، وعادت مع أولادها إلى والدهم منصور، الذي نقف له احتراما جميعنا على كفاحه وعدم استسلامه في سبيل استعادة زوجته وأطفاله طيلة سنوات الفرقة عنهم. وأخيرا، نجحت المحكمة العليا في أن تعالج خللا فظيعا كان يشوه إنسانيتنا بإلغائها حكما قضائيا صدر عن محكمة الجوف بتفريق أسرة، وتشتيت أحبة بدعوى عدم تكافؤ النسب بين منصور وفاطمة. نجحت المحكمة العليا في أن تعيدنا إلى الألفية الثالثة من جديد بإلغاء هذه النوعية من الأحكام والقضايا التي هي قادرة على العودة بأية أمة إلى عصور سحيقة خلت، تعرفونها دون الحاجة إلى تسميتها. انتصار جميل للعدالة، وإن لم يكن كاملا حتى الآن، وما زال ينقصه الكثير لنثبت لأنفسنا أولا قبل أن نثبت للعالم أننا نحرص على أن نهب العدالة لأصحابها ومستحقيها دون الحاجة لأن يبحثوا هم عنها أو يطلبوها ويلهثوا وراءها حتى تنقطع أنفاسهم على سلالم المحاكم لسنوات طويلة. لن يكتمل هذا الانتصار الجميل حتى تعوض فاطمة وأولادها ومنصور عن سنوات الفرقة والعذاب التي عاشوها بسبب التفريق بينهما بدعوى جاهلية، لن يكتمل هذا الانتصار الجميل حتى يحاسب كل من تسبب في تشتيت شمل هذه الأسرة المكلومة التي لم تقترف ذنبا سوى أنها كانت ضحية جهل وثقافة مجموعة من البشر أباحوا لأنفسهم أن يبيعوا ويشتروا في حياتهم بدون وجه حق. من يعوض فاطمة ومنصور عن كل العذاب الذي عاشاه؟، ليس تعويضا ماديا وحسب، ولكن تعويض أدبي ومعنوي وأخلاقي يستحقانه ويستحقه أطفالهما، ونستحقه كمجتمع، وكوطن لنثبت لأنفسنا قبل أن نثبت للآخرين بأننا أهل للحياة، وأننا جديرون بها. من يعوض فاطمة ومنصور بحمايتهما وأولادهما من انتقام الجهلة الذين فرقوهما واستغلوا سلطة القاضي للعبث بحياتهما كل هذا العبث؟ ومن يعوضنا نحن كمجتمع ووطن عن كل ما لحق بنا جراء مثل هذه النوعية من الأحكام؟ أسأل الله تعالى أن ينقذ طفلة بريدة أيضا مما هي فيه، وينقذنا كمجتمع ووطن من أن يشوهنا حكم قضائي آخر يحول براءة طفلة إلى سلعة تباع وتشترى دون أن يكون لها حق في اختيار الحياة، وليس فقط الحياة التي تريد، وأن تنقذ هذه الطفلة من لعبة المساومة التي تقودها أم تسعى للحصول على تنازل عن دعاوى سابقة لزوجها ضدها، وأب نزعت الرحمة من قلبه، وزوج ثمانيني ارتضى لنفسه تشويه براءة طفلة في الثانية عشرة من عمرها، وكلي ثقة في عدالة قضائنا وقدرته على حماية حياة هذه الطفلة، وحمايتنا كمجتمع وكوطن من مثل هذه النوعية من القضايا والبشر. [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 176 مسافة ثم الرسالة