أسدلت المحكمة العليا في الرياض (أعلى سلطة قضائية في المملكة)، الستار على أشهر قضية تكافؤ نسب (منصور التيماني وفاطمة)، بنقض حكم قاضي محكمة الجوف، الذي صدر قبل أربعة أعوام وقضى بتفريق الزوجين، (رغم صحة عقد الزواج)، وجمعهما مجددا تحت سقف واحد. كيف قضى الزوجان اللذان أجبرا على الطلاق بغير رغبتيهما، وطفليهما؟، سؤال طرحته «عكاظ» على زوج فاطمة الذي بدا أكثر الناس سعادة بقرار المحكمة العليا. عن بداية المشكلة، يقول منصور التيماني: بدأت القضية نتيجة تعنت أحد أخوة فاطمة الذي تمكن من الحصول على توكيل من أسرته؛ لرفع دعوى قضائية يطالبني فيها بتطليق زوجتي، بحجة أنني لا أنتمي لأية قبيلة، وثمة فرق في النسب بين أسرتينا، الأمر الذي رفضته أنا وزوجتي، خاصة أن لدينا طفلة (نهى) كان عمرها أشهرا في ذلك الحين. ويتابع منصور: «قدم أخو فاطمة دعوى في محكمة الجوف، نظرا لإقامتي في المنطقة، وبشكل عاجل بت القاضي في الدعوى وقضى بتفريقي عن زوجتي، وطالب القاضي أن ينفذ قراره فورا، وأن زوجتي دخلت العدة الشرعية حسب وضعها، وذلك في شهر يوليو في عام 2006م». ويستطرد زوج فاطمة: بعد علمي بالحكم، ذهبت وزوجتي إلى جدة، وقبض علينا بتهمة الخلوة غير الشرعية، لأخرج بعدها بكفالة، وزوجتي أحيلت إلى سجن النساء في الدمام، مؤكدا أنه وزوجته واجها أياما هي الأصعب لهما على الإطلاق، «عانينا خلالها من كل أنواع الضغوط لدرجة أن اسمي وضع ضمن قائمة المطلوبين جنائيا وتعطلت جميع مصالحي الخاصة والعامة». الطعن في الحكم وإزاء هذا الوضع، يشير منصور إلى أنه بذل كل ما في وسعه لإلغاء حكم محكمة الجوف، مرة بالطعن في الحكم، وأخرى بتمييزه، إلا أن محكمة التمييز صدت كل محاولاتي بقرار تأييد حكم قاضي الجوف بتفريقي عن زوجتي، رغم ما أحضرته من وثائق تؤكد انتسابي لقبيلتي، إلا أن ذلك للأسف لم يفد بشيء وكانت الظروف تسيء يوما بعد يوم علي وعلى زوجتي حتى بدأت أفقد الأمل بإعادة لم شمل أسرتي، إلا أن إصرار فاطمة على مواصلتها رفض حكم التفريق «الظالم»، منحني القدرة على مواصلة مواجهة القرار الذي حول حياتنا إلى جحيم لا يطاق وعذاب استمر أكثر من أربعة أعوام. ولادة سليمان وفي خضم تلك الأحداث، وضعت زوجتي طفلنا الثاني وأسميناه سليمان، إذ يبلغ من العمر حاليا أربعة أعوام تقريبا، الأمر الذي زاد من تعقيد القضية وفرض سليمان علينا ضغوطات جديدة، جعلنا في حيرة من أمرنا، إذ كيف نحسم هذه القضية بشكل عاجل، وطرقنا لذلك كل الأبواب، لكنها جميعا كانت موصدة في وجهنا، رغم ما أبداه الناس من تعاطف مع قضيتنا. فترة الاختفاء وما زاد الوضع مأساوية، يقول منصور: اضطررت للتوقف عن عملي واختفيت عن الأنظار؛ خوفا من تعرضي لمشاكل لا أعرف حجمها، ولم يعد لي أي مصدر دخل ثابت، رغم أنني أعول طفلة وأجبرت على استلامها بعد تجاوز عمرها العامين تقريبا، إذ كانت برفقة والدتها في سجن الدمام، موضحا «أنني لم أكن أمانع استلامها، لكنني كنت أرى أنه من الأفضل لابنتي أن تكون مع أمها، حتى لا تحرم من حنانها، لتشاركني نهى معاناتي في التنقل من مكان إلى آخر، وكنت أرعاها بنفسي في كل ما تحتاجه، إلا أنني كنت أعجز عندما تسألني عن أمها». بداية الفرج لم يكن أمام منصور -كما يقول- سوى طرق باب هيئة حقوق الإنسان، التي وجد منها كل اهتمام ورعاية في القضية -على حد قوله- «إذ كلف رئيسها حينذاك تركي السديري المحامي أحمد السديري للدفاع عن قضيتنا، عبر استئناف الحكم السابق، ليبدأ أمل جديد برفع القضية إلى المحكمة العليا التي قبلت الاستئناف وحكمت لصالح أسرتي وجمعتني بزوجتي وأطفالي، عندها لم أتمالك نفسي من الفرح، وشعرت أن الأرض لن تتسع لسعادتي، فقد تحققت العدالة، ولم نكن نريد شيئا سوى ذلك». وحول علاقته بأسرة زوجته قال منصور: أريد أن أعيش مع زوجتي بسلام وأن أعوض بقدر ما أستطيع زوجتي وطفلي عن فترة الشقاء التي عشناها جميعا كل منا في مكان، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لا يكن أية عداوة لأي أحد، حتى الذين تسببوا في كل هذا العذاب الذي كنا جميعا في غنى عنه، ويدي ممدودة لمصالحة جميع أفراد أسرة زوجتي. من جانبه، يؤكد ل «عكاظ» محامي القضية أحمد السديري أن قضية منصور وفاطمة تعتبر الآن منتهية، وسيطبق قرار لمِ شملهما دون أي تعطيل، مشيرا إلى مشاركة زميله السابق المحامي عبد الرحمن اللاحم في إنجاح القضية، التي تسلمها في بداياتها.