القرار القاضي بنقل ثلاث فتيات من دار رعاية الفتيات في مكةالمكرمة إلى دار أخرى في تبوك بعد حادثة الشغب الشهيرة، أخرج النزيلات من حالة الخوف إلى حالة المواجهة والتحدث عن الأوضاع المعقدة التي كانت تدور خلف ستار من السرية، لتتكشف من جديد وقائع على لسان فتيات التقتهن «عكاظ» تظهر المعاملة التي كن يتلقينها، ورغم أن الأمور هادئة في تبوك إلا أن جرح ما حدث في مكة ما زال ينزف. تقول (ز. ي) إحدى نزيلات الدار التي شهدت الواقعة، «مراقبات الدار يفتشننا بطريقة سيئة، بعد ذلك يقمن بحجز كل فتاة في غرفة صغيرة فيها دورة مياه واحدة تختلف عن غرف الحجز الجماعي الخالية تماما من دورات المياه، ونلجأ في كثير من الأحايين إلى قضاء الحاجة في علب الماء الفارغة». وتفصل النزيلة (ز. ي) ما كان يحدث من خفايا في دار رعاية الفتيات في مكة «تتم معاقبتنا لأسباب عدة وبأساليب متنوعة من بينها أسلوب التحنيط، وهو أن نقف لثماني ساعات متواصلة بسبب تأخرنا عن أداء الصلاة وبعدد الركعات، بالإضافة إلى أنه عند استيقاظنا من النوم في وقت متأخر يتم إيقافنا مع حمل الأغطية التي كنا ننام بها». وعن ليلة حادثة الشغب التي حدثت في دار الفتيات في مكة، تروي الفتاة التي كان تتحدث إلى «عكاظ» هاتفيا التفاصيل، قائلة «مجمل ما حدث، أنه بعد انتهائنا من الأكل، خرج بعض الفتيات لرمي النفايات وواحدة منهن تعاني أساسا من مرض في القلب والأخرى صغيرة في العمر، أحسسن بشيء ما فتخوفت المريضة وسقطت على الأرض، فاستدعينا المراقبة لطلب الإسعاف، لكنها رفضت متهمة النزيلة بالكذب والتمثيل، ونادت أحد المسؤولين عن الدار، فدخل علينا دون إذن وضربنا دون معرفة ما المشكلة واستخدم هاتفه الجوال مع رفيق له في تصوير الفتيات أثناء التهجم والضرب». ويصب حديث النزيلة (د. و) وهي إحدى نزيلات دار رعاية الفتيات في مكة التي شهدت انطلاق شرارة الأحداث مع حديث زميلتها، إذ تقول «كل الممارسات التي كانت تمارس ضدنا ذكرناها لفريق هيئة التحقيق والادعاء العام، كما أننا ذكرنا في التحقيق أن هناك تلاعبا في ملفات النزيلات». وتسهب (د. و) في سرد وقائع ما حدث في دار رعاية الفتايات في مكة «على الدوام، كان وضع المراقبات مريبا، وكثيرا ما ظهر عليهن تصرفات غير طبيعية. وعما تلا حادثة الشغب من زيارات لمعنيين بمتابعة سير القضية ممن ينتمين لوزارة الشؤون الاجتماعية، تقول (د. و) «إن السيدات اللاتي قدمن إلى الدار واجتمعن بنا بدا وكأنهن أتين لإغلاق القضية لا إلى إنقاذنا من الجحيم» وتؤكد النزيلة أن مندوبة من هيئة الرقابة والتحقيق (تحتفظ الصحيفة باسمها) قدمت إلى الدار واجتمعت على انفراد بالنزيلات ومكثت تحقق لمدة ثلاثة أيام، وكان كل تحقيق مع كل فتاة ينتهي بتوقيع الفتاة على أقوالها. وكشفت النزيلة (د. و) أن عدد النزيلات في الدار 61 فتاة ولا يوجد سوى عنبرين فقط، وأن من عمد إلى تمزيق المحاضر هي الاختصاصية الاجتماعية الداخلية (تحتفظ الصحيفة باسمها) التي كانت موجودة في ذلك اليوم كون المحاضر تحتوي على تفاصيل تدين العاملات في الدار. على حد قولها. وأوضحت إحدى مشرفات الدار (تحتفظ الصحيفة باسمها) أن الحالة النفسية للفتيات صعبة للغاية وهن ضعيفات إلى الحد الذي يجعل الفتاة الواحدة تقبل بتنظيف العنبر من أجل قطعة شوكولاته. وكشفت المشرفة أنه لا توجد نزيلة في الدار متمردة أو لديها روح العدوانية، مبينة أن الدار لا تحتوي على أنشطة تخرج منها النزيلة بفائدة ولا برامج تدريب تعطي الفتاة شهادة تحملها. وتضيف المشرفة «الجو العام داخل الدار كئيب وسيئ للغاية ليس على النزيلات بل علينا أيضا كمسؤولات». وعن شكوى الفتيات من ممارسات المراقبات تقول مشرفة الدار «عند أداء الصلاة يفتش المراقبات الفتيات للتأكد بأن لديهن العذر الشرعي لترك الصلاة، وهذا الأمر لا يرضي الإنسانية، والفتيات يتعرضن للإهانة سواء في التفتيش أوالمعاملة». من جانبه فضل مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة الدكتور علي الحناكي، عدم التعليق على الاتهامات التي ساقتها نزيلات دار الرعاية في العاصمة المقدسة، على خلفية حادثة الشغب، مكتفيا بالقول: «إن الدار تعيسة». وزاد الحناكي: لا ناقة لي ولا جمل في الأمر، والدار تتبع القسم النسائي في وزارة الشؤون الاجتماعية ولدى الوزارة مشروع لتطويره. من جهة ثانية، طالبت 35 مراقبة وممرضة وأخصائية من العاملات في دار رعاية الفتيات في مكةالمكرمة برد اعتبارهن جراء ما تعرضن له من إساءة سمعة، نتيجة التحقيق معهن في ممارسات لا علاقة لهن بها، وإيقاف بعضهن عن العمل، على حد قولهن. وأكدن في خطاب تقدمن به إلى وزارة الشؤون الاجتماعية أن ما نسب إليهن من ممارسات (بعضها لا أخلاقي)، عارية عن الصحة، واصفينها بأنها اتهامات زور وظلم، موضحات أنهن لا يتحملن أية مسؤولية عن تردي الحالة النفسية التي اعترت نفسية النزيلات، وأن سوء أوضاع النزيلات نتيجة تخلي أسرهن عنهن ورفض استلامهن لسنوات طويلة رغم انتهاء محكومياتهن. وحملت 18 مراقبة وعاملة خياطة وثلاث ممرضات وثماني أخصائيات وست من منسوبات إدارة الدار، مسؤولية حادثة الشغب لجهات حكومية ورقابية مسؤولة بحسب تعبيرهن ، كونها لم تتحرك طيلة السنين الماضية لمعالجة واحدة من أعقد المشكلات التي واجهت نزيلات دور الرعاية في عموم المملكة، وما حدث في مكة يمكن أن يتكرر في جميع دور الرعاية. وأكدت عاملات الدار أن الأوضاع استقرت في دار رعاية فتيات مكةالمكرمة، إثر تحرك الجهات ذاتها بحل ما تواجهه الدار من إشكاليات عبر تسليم 14 نزيلة لأسرهن ونقل أخريات لدور اجتماعية في مناطق أخرى. ولم تخف منسوبات الدار أن ما ذكرته النزيلات للجان التحقيق، ما هو إلا إضافة للمشكلة الأساسية التي واجهت عاملات الدار صعوبة في تخفيفها وهي تنصل الجميع من تحمل المسؤولية، لنتحملها نحن، مؤكدات أن التهم التي نسبت إلينا جاءت من الجميع، بمن فيهم مسؤولون في وزارة الشؤون الاجتماعية رغم علمهم الكامل بتفاصيل ما يحدث داخل فناء الدار. إلى ذلك، بدأت إدارة الدار تجهيز المبني المجاور لنقل النزيلات إليه مطلع الأسبوع المقبل في أول تحرك بعد الحادثة لإنهاء معاناة النزيلات مع المبنى الضيق اللواتي يعشن فيه منذ أن بدأ مشروع ترميم المبنى قبل ثلاثة أعوام.