أكثر من شهر ونصف مضى على فاجعة الأربعاء التي خيمت بظلال الحزن والأسى على هذه العروس الجميلة وأهلها بل على كل من تابع تلك المآسي المؤلمة؛ ورغم زوال الألم ووطأة المصاب إلا أن أحداث هذا اليوم العصيب تظل تطرق أذهاننا وتجري في دمائنا، إلا أن صورة البطل الباكستاني فرمان خان تظل ساطعة بكل معانيها سامقة بكل مراميها الإنسانية والفدائية التي تمثلت في هذا الرجل الهمام الذي قدم روحه رخيصة في سبيل إنقاذ أكثر من أربعة عشر فرداً كادت تجرفهم تلك السيول المدمرة، حتى قضى نحبه وسلم روحه لتحيى هذه الأنفس. وللحقيقة فإن الإعلام لم يقصر في تكريم هذا البطل المجيد فكل الوسائل الإعلامية من فضائيات وصحف ومواقع إلكترونية تفاعلت مع هذا الموقف، وخصصت الكثير من الموضوعات والمقالات التي تثمن بطولة فرمان رحمه الله، بل حتى الشارع السعودي تفاعل هو الآخر مطالباً بالكثير من المنح والمزايا لذوي هذا الشهيد، ومن التقارير الجميلة التي نشرتها هذه الصحيفة تحقيق بعنوان «فرمان خان بطل ينتظر التكريم خارج الذاكرة» بتاريخ 7/1/1431ه من إعداد الزميل نعيم الحكيم وقد تناول التحقيق طرفاً من حياة هذا الشاب وبعضاً من أمانيه وطموحاته وصفاته على لسان ذويه، وأضاف التحقيق أن ثمة جهات رسمية ومنظمات إنسانية ومؤسسات وأفراد قاموا بتكريم هذا الرجل وأسرته عرفاناً بموقفه البطولي الكبير. إن التضحية والفداء وحس المواطنة في الأرض التي يعيش عليها الإنسان فطرة لا بد أن تتمثل في مثل هذه المواقف مواقف كما فعل فرمان وخاصة في لحظات الشدة والكروب؛ لأن الإنسان ابن أرضه التي يعيش عليها مهما كانت فواصل الدم والنسب والقربى بعيدة عنها؛ ولأن الإسلام قد أذاب كل هذه المعاني وضمها في معنى الإيثار وحب الخير للغير والنجدة والشهامة التي يتربى عليها المسلم مع أبجديات العلوم والمعارف الإسلامية، وتتوالى هذه المعاني أيضاً من الجالية البرماوية المقيمة في المملكة التي قدمت عرضاً للجنة مساعدة المتضررين من سيول جدة تعرض فيها خدمات مجانية في كل ما يمكن أن يجبر مصاب المتضررين وما يحتاجون إليه من حرفيين ومهنيين لإصلاح ما أفسده السيل من بيوتهم وممتلكاتهم احتساباً لأجر المساعدة والبذل، في خطوة جميلة تعكس الحب والوفاء لأرض هذا الوطن الغالي وشعبه الكريم. وكم كانت رائعة لفتة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حين وجه بتكريم جميع المتطوعين في العمل الإغاثي لأهل جدة، وهكذا تتجلى معاني الوفاء والإخلاص والجزاء والمواطنة في مجتمعنا. صلاح عبدالشكور مكة المكرمة