البكاء على زمن قراءة الكتاب خطاب نمطي عندنا، وعند غيرنا من العرب، فلا يقام معرض للكتب، أو الناشرين، إلا ويبدأ الكلام عن أن العرب لا يقرؤون الكتب، وأن المؤلفين يأخذون كتبهم لمنازلهم، أو يرمون بطبعاتها لأنه لا يوجد من يشتريها، وهذا صحيح من جانب واحد، ولكن له جنب ثان، ثالث هما: المؤلف والناشر. أما السؤال فأين هرب قارئ الكتاب؟ فأنا أعرف كتبا صادرة محليا تستحق القراءة، ويشتريها الناس بما يعتبر أسعارا عالية، ويقرؤونها. فالحقيقة أن القليل من المنشور العربي يحمل شيئا في الثقافة العامة غير المتخصصة تقرؤه، بل إنه لا توجد مقارنة بين قراءة الكتاب عندنا، مع دول العالم المتقدم، وهذا ليس بسبب القارئ، ولكنه في رأيي بسبب الكتاب العربي الفارغ من المضمون، فالكتاب المنتج عربيا غير المتخصص لا يغري بقراءته، وهو كتاب صيغ أدبية مع قليل مما يستفيد منه القارئ، وإذا ظهر كتاب يبيع ستجده كتاب إثارة عاطفية، ومتعة، أما كتب الاهتمام العام، في التحليل السياسي، والسلوكيات، والمعرفة الواقعية فمعظمها مترجمة، أو معربة. إذا كان مؤلفون، وناشرون يبحثون عن قارئ فهو موجود، ولكن ليبحثوا له عن ما يريد قراءته، وعلى مستوى من الجودة، وبأقل قدر من الصيغ، ثم الاعتماد على «المفاهيم» المركزة لأن قارئ اليوم أمامه الكثير من الوسائل التي يقرأ من خلالها، والكتاب واحد منها. الجمهور الكبير من القراء غير المتخصصين لا يجدون الكتاب الجيد في الإبداع، أو في مجال الثقافة العامة، ولكنه إذا وجده قرأه، وأعاد قراءته. من جانب ثان لا يزال في ذهنية القارئ العربي خلفية سوداء عن الرقيب، فهو لا يتوقع أن ما ينشر ورقيا في بلده هو ما يستحق القراءة، وما أن يمنع الرقيب كتابا حتى يركض الناس للحصول عليه سواء قرؤوه أو لمجرد القول إنهم يملكون كتابا ممنوعا حتى لو كان ما فيه لا يعني اهتماماتهم. وسيطرة الصيغ اللغوية على الكتاب العربي أتت بأثر تاريخي من كتب الاسترسال، ولم يؤثر الاحتكاك العربي بالعالم المتحضر في تقليل كتب الصيغ، وسيادة الكتب المنظومة في المنهج والمفهوم، فالكتاب العام يجب أن يتجاوز الصيغ وهذا هو المهم. أختم بما بدأت به، وهو إن كان ناشرونا، وهم تجار، ومؤلفونا وهم نخبتنا المفكرة يبحثون عن قارئ فعليهم أن يقرؤوا الواقع ثم يؤلفوا لهذا الواقع، وأعدهم بقارئ منقطع النظير فليس العيب في القارئ، بل في المؤلف، والناشر الذي لا يقيم بدقة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة