تدرج المؤسسات الاقتصادية الدولية الرسمية وغير الرسمية الاقتصاد السعودي كواحد من أسرع الاقتصاديات نموا على المستوى العالمي، بفضل قائمة طويلة من الإصلاحات التي شهدها في السنوات الماضية والتي انعكست بشكل واضح وملموس في أداء وفعالية شتى قطاعات التنمية. ويقف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام، كواحد ممن أسسوا وصنعوا هذه النهضة الاقتصادية السعودية، فرغم أن منصبه العسكري وإنجازاته التسلحية ونجاحه في صناعة جيش حديث ومتطور هي الأبرز في سيرته الذاتية، إلا أن القطاع الاقتصادي السعودي يشهد له بالكثير من الإنجازات البارزة والمحطات المهمة في مسيرته والتي سيظل يذكرها التاريخ. ولا يعد ذلك غريبا في ضوء النشأة والمهمات التي تولاها، فقد عين أميرا لمنطقة الرياض وكان عمره آنذاك عشرين عاما، واستطاع خلال سبع سنوات قضاها في هذا المنصب وضع لبنات نهضة عمرانية وتنموية شاملة للمنطقة، ثم عين وزيرا للزراعة فاستطاع خلال سنوات قليلة أن يقود مشروعا تنمويا هائلا لتوطين البادية وتوفير أسس حياة كريمة ومنتجة لهذه الفئة، كما هيأ الأسس لإقامة نهضة تنموية زراعية واسعة في المملكة، كما نجح إبان توليه منصب وزير المواصلات خلال الفترة من 1375 1380 ه في تأسيس شبكة طرق ومواصلات حديثة للمرة الأولى في تاريخ المملكة، ومن ضمنها خط السكة الحديد بين الرياض والدمام. وقد ظلت الملفات الاقتصادية ضمن اهتمامات ولي العهد ولم تغب أبدا عن فكر ونهج وسياسات سموه حتى وهو يولي الجانب العسكري الأهمية والأولوية الأولى، فمن أروقة وزارة الدفاع وتسليح الجيش السعودي وإبرام الصفقات العسكرية، حرص الأمير سلطان بن عبد العزيز أشد الحرص على ألا يقتصر هذا التطوير وتلك الصفقات داخل أسيجة القطاعات العسكرية وإنما ليمتد هذا التطوير ليشمل جوانب التنمية المختلفة، ومن هنا تفتق ذهنه عن واحدة من الأفكار الاقتصادية الخلاقة وغير المسبوقة وهي برنامج التوازن الاقتصادي والذي يعني إلزام الشركات أو الحكومات الأجنبية التي فازت بعقود الشراء والتطوير الحكومية السعودية بإعادة تدوير نسبة معينة من قيمة عقد الشراء في الاقتصاد الوطني من خلال الاستثمار في تأسيس مشروعات صناعية وخدمية ذات تقنية عالية في المملكة بالمشاركة مع القطاع الوطني. وقد هدف الأمير سلطان من وراء ذلك إلى تدوير جزء من تكاليف المشاريع الحكومية الضخمة في الاقتصاد الوطني والمساهمة في توسيع القاعدة الصناعية وتنويع مصادر الدخل الوطني ونقل التقنية المتقدمة إلى المملكة وتوطينها وتشغيل المواطنين في مختلف القطاعات التكنولوجية المتقدمة وتقليص اعتماد المملكة على الواردات خاصة في المجالات التقنية والصناعات المتقدمة. وطبق برنامج التوازن الاقتصادي للمرة الأولى في المملكة عام 1984 بمبادرة من وزارة الدفاع والطيران، وذلك في عقد مشروع درع السلام، وحاليا يبلغ عدد مشروعات التوازن الاقتصادي 38 شركة بإجمالي استثمارات 21 مليار ريال وفرت 7200 فرصة عمل، وبلغ إجمالي مبيعات هذه الشركات منذ تأسيسها وحتى الآن ما يقرب من 50 مليار ريال وصدرت بما يقرب من 12 مليار ريال خارج المملكة. وأدوار الأمير سلطان في الملف الاقتصادي متعددة، فهو يقف كذلك خلف النهضة التشريعية والهيكلية للاقتصاد السعودي من خلال ترؤسه للجنة الوزارية للتنظيم الإداري الموكول لها اتخاذ مختلف الخطوات والإجراءات التي تكفل تحقيق إصلاح الجهاز الإداري، والتي استطاعت منذ تأسيسها برئاسة الأمير سلطان عام 1420 ه تطوير الجهاز الحكومي وتحديثه وتحسين كفاءة الأداء وفاعليته وتطوير الأنظمة المالية وخفض تكاليف أداء العمل الحكومي وترشيده وتطوير مختلف أنظمة العمل الحكومي وأنظمة الموظفين، كما ساهمت في تحديث مختلف الأنظمة واللوائح والمؤسسات في الدولة وخلق البيئة التشريعية والإدارية اللازمة لتنويع الناتج الوطني واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.