عند مراجعتك للمستشفى أي مستشفى، حكوميا أو خاصا عيادة أو مستوصفاً، أنت لم تذهب إلا بحثاً عن الصحة والعافية .. وعلاج علة أصابتك أو ابنك، وتبحث عن كلمة أو وصفة شافية أو دواء يخفف مما تحس به. ولكنك في انتظارك لدورك الذي قد يطول تضطر للبحث عن ما تقرأه فتجد في مكان الانتظار أرففاً معدة بكل عناية وبشكل جميل ولافت ومعبأة بالكتيبات والنشرات التي تستحثك على قراءتها، وعندما تمد يدك لتبحث عن ما تقرأه تفاجأ أنها جميعاً تدعوك لتودع الحياة، فأغلبها يتحدث عن عذاب القبر وعن منكر ونكير، أو تحثك للجهاد ومعاداة من يختلف معك في الدين والمذهب، وبالذات من يؤجج الكره في الصدور ويشجع النفوس على التباعد والفرقة بين أبناء المجتمع الواحد، في الوقت الذي نبحث عن ما يزيد اللحمة بين أبناء الوطن الواحد نجد يداً خفية وأحياناً علنية تحاول أن تفككها وتبذر بذور العداوة والخلاف والاختلاف والفرقة والتمزق. أعرف كغيري أن هذه الأرفف وتلك الحوامل أوجدتها المستشفيات في أماكن انتظار المراجعين؛ ليوضع في جيوبها النشرات الخاصة بالتوعية الصحية بأنواع الأمراض الشائعة وطرق الوقاية منها، وكيفية التعامل مع من يصاب بها، ولكن تلك النشرات والكتيبات اختفت ليحل محلها تلك الكتب الصفراء الداعية إلى كره الحياة والإقبال على الموت. كل هذا يتزامن مع ما يحث عليه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ويدعو له من لقاءات لأبناء الشعب الواحد وفي كل المناطق؛ للحوار الفكري بين جميع فئات المجتمع، رجالا ونساء، طلاباً ورجال علم وعمل، كما دعا وشجع وأقام الكثير من اللقاءات في المملكة وخارجها للحوار بين المذاهب والحوار بين ثقافات الأديان، وبث روح التسامح والإخاء فيما بينها؛ بهدف خلق مجتمع متسلح بالوعي والمعرفة والحب وخدمة الوطن، والتعامل بصدق وثقة بين الجميع. فقد ورد في الأثر: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وأعمل لآخرتك كأنك تموت غداً»، أفلا نستطيع أن نجمع في العمل بين الدنيا والدين، وأن نبني كما كانت أوائلنا .. بلا تعصب أو تشنج أو كره للحياة. إنني أدعو بصدق إلى أن تستبدل محتويات هذه الحاويات أو الرفوف في المستشفيات وغيرها من كتب تكره الحياة وتمقتها إلى أخرى تدعو للحياة وتمجدها، وتحث على حب الوطن وبنائه، وإلى تماسك أبناء الوطن وخدمة المجتمع من خلال الأعمال التطوعية الجماعية، وعودة النشرات التي تنشر الوعي الثقافي الصحي، وتدعو إلى التعامل الصحيح مع المصاب. وبالله التوفيق. [email protected]