وبحثا عن الحلول وضع أمين مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي الدكتور صالح المرزوقي حلا لتقنين اختلاف الفتوى في الحج، من خلال تفعيل ميثاق المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها الذي عقد في مكةالمكرمة بداية العام الجاري بمشاركة نحو 170 عالما وفقيها من جميع أنحاء العالم الإسلامي، والذي انبثق عنه ميثاق الفتوى، مؤكدا أنه يعتبر إنجازا مباركا في تجلية مبادئ الفتوى وأساسياتها، لأنها مستخلصة مما سطره العلماء الأقدمون في هذا المجال، وفي تناول المشكلات التي تواجهها، والأسباب التي أثارتها، والأثمار السيئة التي خلفتها، ومن ثم عرض الحلول والضوابط التي تصون هذا المقام من الفوضى والابتذال ومن ذلك فتاوى الحج. وطالب الجهات الإفتائية في العالم الإسلامي بالاسترشاد بهذا الميثاق، حتى يكون منطلقا للتلاقي والتعاون في الارتقاء بالفتوى ورجالها ومؤسساتها، إلى مستويات تستجيب لحاجة الأمة، وتفقهها في دينها فقها صحيحا يعينها على إقامته وعدم التفرق فيه، ومن هذه المسائل قضايا اختلافات فتاوى الحج، مبينا أنه لا توجد فوضى فتوى في الحج وإنما اختلاف فتاوى بعض المفتين عن غيرهم في الأحكام، مشددا على أنها لا تمثل ظاهرة تدعو إلى القلق للتوقف عندها، وإن كان يجب أن لا توجد هذه الاختلافات أو يضيق نطاقها، وأضاف «هذه الاختلافات منها ما له مبرر شرعي، كالاختلاف المبني على اجتهاد وصحة نظر، واستنادا إلى الأدلة الشرعية الثابتة، كاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في بعض مسائل الفروع، وهذا النوع من الاختلاف يترجح عندي أنه رحمة ويسر على العباد، ومنها ما قد يكون فيه نوع من التجاوز أو التقصير في النظر». وتابع المرزوقي: «أما ما كانت له مبررات شرعية، فلأن الفتوى تنزيل الحكم الفقهي المكتوب في كتب الفقه على الواقع الذي يختلف من شخص إلى آخر، لذلك يكون جواب المفتي نفسه على سؤال واحد موجها من شخصين مختلفين، لما يحيط بكل منهما من ظروف وأحوال لمسألته، هذا ما يجب أخذه في الاعتبار عند إصدار الفتوى بربطها بالواقع، وربما تختلف الفتوى من مفت إلى آخر بسبب السائل، أو بسبب السؤال، أو بسبب اختلاف المذاهب دون الإشارة من المفتي للمذهب الذي يفتي به، والإيحاء ببطلان ما عداه، وكل ذلك يؤدي إلى الاختلاف في الفتوى». وطالب المفتين بعدم تغيير فتاواهم لمصلحة غير معتبرة شرعا، كما يجب عليهم عدم البقاء على فتاواهم في كل حال، وأن يسلكوا في ذلك طريق الراسخين في العلم، مبينا أن الاختلاف قد يترتب عليه تعارض بعض الفتاوى المتجانسة، وهو ما قد يؤدي أحيانا إلى الحيرة والشك لدى العامة، فذلك بسبب ابتعاد بعض المتصدين للفتوى عن منهج الوسطية المبني على الكتاب والسنة، وسلوكهم أحد طريقين متطرفين: إما التشدد، وإما التساهل المفرط، وصدور بعض الفتاوى بآراء شاذة عارية عن الدليل الصحيح المعتبر، والتصدي لها ممن لم تتحقق فيهم شروط المفتي وصفاته وآدابه، ومن ذلك أيضا التذرع بالمحافظة على المصالح وتلبية الضرورات والحاجات الموهومة، والفهم غير الصحيح لمعنى التيسير في الإسلام، وعدم فهم بعض المتصدرين للفتوى بفقه الواقع ومآلاته، وعدم مراعاتهم ما قد تحدثه هذه الفتاوى من المفاسد والأضرار.