مكة المكرمة - محمد الأركاني - سامي علي اختتمت امس أعمال المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها الذي عقده المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلام برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود / حفظه الله / وذلك بالقاعة الكبرى بمقر رابطة العالم الإسلامي بأم الجود بمكةالمكرمة بحضور سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء زادارة البحوث العلمية والأفتاء رئيس المجلس التأسيسي للرابطة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ومعالي الأمين العام للرابطة الدكتورعبد الله بن عبد المحسن التركي . وبدأت الجلسة الختامية بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم تلا الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدكتور صالح بن زابن المرزوقي البقمي البيان الختامي للمؤتمروقال إنه بعد الاستماع إلى الأبحاث والمناقشات المستفيضة حولها والنظر في المقترحات والآراء المقدمة لأمانة المؤتمر إنتهى المجتمعون إلى إصدار ميثاق للفتوى والتقيد به . وجاء في البيان انه بشأن ميثاق الفتوى فقد دعت رابطة العالم الإسلامي إلى / المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها / عدداً كبيراً من المفتين والعلماء في العالم الإسلامي ، وذلك لمناقشة قضية من أهم قضايا المسلمين المعاصرة ، ألا وهي قضية الفتوى، وبيان أهميتها وخطرها وما يعرض لها من مشكلات قد تثير بلبلة في صفوف المسلمين، وتؤدي في بعض الأحيان إلى الاختلاف والفرقة وتشويه صورة الإسلام، وخلصوا إلى ميثاق الفتوى، المكون من ثلاثة أبواب ، والمشتمل على إحدى وأربعين مادة وإن للفتوى الصادرة عن أهلها أثر كبير في بيان حقائق الإسلام وتفنيد أباطيل خصومه ، وتأكيد أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان ، وصالحة لتنظيم مختلف نواحي الحياة الخاصة والعامة: السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والإدارية وغيرها ، على أتم الوجوه وأعدلها حكم الفتوى أن الأصل في الإفتاء أنه فرض كفاية وتجب الفتوى وجوباً عينياً على المفتي المؤهل في بعض الأحوال، نحو أن لا يوجد مؤهل غيره. وأشار البيان إلى انه يحرم على المفتي الفتوى في عدد من الأحوال إذا كان لا يعلم حكم المسألة أصلاً , ولا يستطيع استنباط حكمها وفق الأصول الشرعية و إذا كان الإفتاء بهوى من المفتي و إذا كان منشغل الفكر ، وفي حال لا يتمكن معها من التأمل والنظر و إذا خشي غائلة الفتوى بأن تؤدي إلى مآلات غير محمودة , ويجوز امتناع المفتي عن الفتوى في أحوال منها إذا خشي تعرضه لضرر و إذا قام غيره مقامه وإذا كانت الفتوى مما لا نفع فيها للسائل و إذا كانت المسألة المسؤول عنها غير واقعة. وعن شروط المفتي أوضح المشاركون في المؤتمر أنه يشترط في المفتي شروط ، لا يجوز له التصدي للإفتاء قبل تحققها، ولا يحل لأحد أن يستفتيه بدونها، وهي الإسلام والبلوغ والعقل والعلم بالأحكام الشرعية وأدلتها و العدالة ، فمن اختل دينه ، أو فسدت مروءته لم يصلح للفتيا ، وذلك لعدم الوثوق بقوله. ورأوا أن من كان من أهل الاجتهاد ، وجب عليه الإفتاء بما أداه إليه اجتهاده ومن لم يبلغ رتبة الاجتهاد من أتباع المذاهب الفقهية وكان من أهل التخريج أو الترجيح جاز له الإفتاء تخريجاً على أقوال المجتهدين ، أو ترجيحاً بالدليل من هذه الأقوال ,ومن كانت رتبته دون ذلك ، جاز له الإفتاء بما علمه بدليله، من مذهبه أو مذهب غيره. وبينوا أن من أهم الصفات التي ينبغي أن يتصف بها المفتي وهي أن يكون صحيح التمييز ، قوي الفطنة ، يتوصل بذكائه إلى إيضاح ما أشكل وفصل ما أعضل و أن يتصف بالأناة والتثبت والحلم والمهابة والوقار وأن تكون له معرفة بأحوال المستفتين وبالواقع الذي يعيشون فيه ، إما بنفسه أو بمن يستعين به من أهل الخبرة و أن تكون لديه خبرة في تنزيل الأحكام على الوقائع وذلك بالتتلمذ على من صقلتهم التجربة، والاطلاع على فتاواهم، والتأمل في مآخذها ، وكيفية تنزيل الأحكام على الوقائع. وأوضح البيان أن من أهم واجبات المفتي وآدابه الإخلاص لله تعالى ، ومراقبته ومشاورة أهل العلم والاختصاص عند الإلتباس و التوقف عن الإجابة عند عدم ظهور الحكم له، وعدم التحرج من قول // لا أدري // و عدم التردد في الفتوى عند ظهور الحكم له و المحافظة على أسرار المستفتين و دلالة المستفتي على ما ينفعه ، ومراعاة الجوانب التربوية والتوجيهية في فتواه و عدم التعرض للشخص عند مناقشة رأيه الشرعي, وأن من آداب المستفتي اجتناب السؤال عما يؤدي إلى الارتياب في دينه وعمله و البحث عن المفتي الأهل، إما بنفسه إن قدر ، أو بخبر العدل ، أو نحو ذلك والحرص على العلم بالحكم المبرئ لذمته، وليس البحث عمن يفتيه وفق رغبته وهواه و التأدب مع المفتي ، وعدم التلبيس عليه. وبين البيان أن أهم المشكلات التي تواجه الفتوى في العصر الحاضرهي ابتعاد بعض المتصدين للفتوى عن منهج الوسطية المبني على الكتاب والسنة ، وسلوكهم أحد طريقين متطرفين : إما التشدد، وإما التساهل المفرط وصدور بعض الفتاوى بآراء شاذة عارية عن الدليل الصحيح المعتبر وانفراد بعض المتصدين للفتوى بالإفتاء في نوازل تمس المجتمعات ، وتتصف بطابع العموم ، والتشعب الذي تخرج به الفتوى عن حيز الفن الواحد إلى حيز الفنون المتنوعة ، مما يجعل أمر استيعابها وتصورها على حقيقتها معتركاً صعباً لا يستطيع خوض غماره الواحد بمفرده وصدور بعض الفتاوى المخالفة لأصول الاعتقاد ، وكليات الشريعة ، ومبادئ الأخلاق، وما شرع من الأحكام بنصوص ثابتة قطعية والتصدي للفتوى ممن لم تتحقق فيه شروط المفتي وصفاته وآدابه واجتراء من ليس من أهل العلم الشرعي على فتاوى العلماء الربانيين ، وقرارات المجامع الفقهية والتشكيك فيها وتعارض بعض الفتاوى في المسائل المتجانسة ، وما يؤديه ذلك أحياناً من الحيرة والشك لدى العامة وتوسع بعض المفتين في ذكر الخلاف دون بيان الرأي المختار . وشرح البيان أهم أسباب مشكلات الفتوى في العصر الحاضرومنها ضعف العلم بالنصوص ودلالاتها ، والضوابط والأصول الحاكمة للاستنباط والتفسير والتأويل.وذلك لقلة عدد المؤهلين للفتوى الذين تتوفر فيهم شروط المفتي وصفاته وآدابه والتذرع بالمحافظة على المصالح وتلبية الضرورات والحاجات الموهومة ودعوى التجديد ومسايرة العصر وطلب بعض وسائل الإعلام الفتوى ممن ليس أهلاً لها ومراعاة المصالح الخاصة ،والهوى والتشهي، أو حب الشهرة والظهور ، أو عدم الخوف من الله ومراقبته و الفهم غير الصحيح لمعنى التيسير في الإسلام وعدم فهم بعض المتصدرين للفتوى فقه الواقع ومآلاته، وعدم مراعاتهم ما قد تحدثه هذه الفتاوى من المفاسد والأضرار. واستعرض البيان أهم الآثار السلبية التي نتجت بسبب هذه المشكلات في حالات عديدة منها تحريم الحلال ، وتحليل الحرام ، الذي يعد من الكبائر، بل قد يخرج المسلم عن دائرة الإسلام وبروز القول بالتكفير بالمعصية، واستحلال دماء المسلمين والخروج على ولاة الأمر وتشويه صورة الإسلام، والتنفير منه وحصول الفرقة في بعض المجتمعات الإسلامية ، وانقسام المسلمين فيها إلى فرق وأحزاب وزعزعة الأمن والاستقرار ، وإشغال الأمة عما هو أهم وأصلح للمجتمع وظهور الريبة والشكوك بين أفراد المجتمع وولاة أمورهم وإضعاف جهات الفتوى المعتبرة، والتسبب في عدم القناعة بها لدى البعض والنيل من العلماء الربانيين ، ورميهم بالجمود والتشدد في الفتوى والوقوع في الحيل المحرمة ، وتتبع الأقوال الشاذة المعارضة للأدلة المعتبرة ، وسلوك منهج التلفيق غير الصحيح ؛ اتباعاً للهوى وما تميل إليه النفس ، والتماساً لرغبات البعض. واكد المشاركون في المؤتمر أن من أهم الحلول والضوابط لكي تحتل الفتوى مكانها اللائق هي تعميق الشعور لدى المجتمع والأفراد بأهمية منصب الإفتاء ، وأنه ليس إبداء للآراء الشخصية فقط، أو تحكيماً للعقل المجرد، أو استجابة للعواطف النفسية، أو تحقيقاً للمصالح الدنيوية المجردة، بل هو تبيين لما شرع الله سبحانه وتعالى لعباده من شرائع وأحكام بأدلتها وتأسيس الفتوى على علم صحيح مبني على الكتاب والسنة أو ما يرجع إليهما من إجماع أو قياس صحيح أو أصل شرعي معتبر والحذر من أي ضغوط قد تؤثر على المفتي في بيانه لحكم الله في المسألة والتحوط البالغ في الحكم بتكفير أحد من المسلمين ، فلا يجوز تكفير مسلم إلا بإتيانه ناقضاً من نواقض الإسلام ، لا يقبل تأويلاً، فإن تكفير المسلم من أعظم ما حذر منه رسول الله والحذر من الفتاوى الضالة المضلة التي تدعو الناس إلى سفك الدماء المعصومة بغير حق ، والتأكيد على أن حفظها من أعظم مقاصد الشريعة الغراء . ودعا البيان إلى وجوب اتباع ما ورد فيه نص من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لأنه الحق والعدل، ولا حق ولا عدل في غيره ، ولأنه المصلحة، ولا مصلحة فيما سواه، وما قد يُظن مصلحة مما يصادم النص ليس في الحقيقة مصلحة ، بل أهواء وشهوات زينتها النفوس ، وألبستها العادات والتقاليد ثوب المصالح، والحذر من الحيل الباطلة للوصول إلى إستباحة المحرمات في الشريعة وأهمية تحرير عبارة الفتوى تحريراً رصيناً واضحاً بعيداً عن الإيجاز المخل، أو الإطناب الممل، مع ذكر الشروط والقيود التي تتعلق بالحكم؛ لئلا تفهم الفتوى على وجه غير صحيح، وحتى لا يستغلها الذين يبغون إثارة الفتن بين المسلمين وعدم التوسع في الخلاف الفقهي في الفتوى ، وعلى المفتى عند الحاجة أن يختار من الأقوال التي ذكرها الأسعد بالدليل والتحذير من الفتاوى الشاذة ومن الأخذ بها ، أو تقليد صاحبها، أو نقلها والترويج لها؛ لأنها مخالفة للشرع. ولا تعد خلافاً معتبراً في المسائل الشرعية. وأكد أن المنهاج الشرعي مبني على الوسط ، لا على مطلق التشديد، ولا على مطلق التخفيف، والحمل على ذلك هو الموافق لقصد الشارع ، وهو منهج السلف الصالح والتأكيد على أهمية الثقة بفتاوى العلماء الربانيين والاطمئنان إليها، ونشرها في المجتمع ؛ لما لها من أثر كبير في حمل الناس على المنهج الوسط في الاعتقاد والعبادات والمعاملات ، وإبعادهم عن الغلو والتشدد، والتساهل والانحلال . ودعا البيان إلى وجوب قيام المفتين بواجباتهم والتصدي للفتاوى الشاذة والرد عليها ؛ لما في ذلك من مصالح للإسلام والمسلمين ، ومنها وحدة الأمة ، وحفظ هويتها، واجتماع كلمتها على الشريعة الإسلامية والحفاظ على وسطية الأمة في دينها، وإظهار الصورة الحقيقية للإسلام واطمئنان أفراد المجتمع الإسلامي إلى ما يصدر منهم من فتاوى والحد من الغلو والتطرف ، والتساهل والانحلال وتعرية المذاهب والشعارات الإلحادية والتكفيرية ونحوها واستتباب الأمن في المجتمع المسلم، وحقن دماء المسلمين، وحفظ أموالهم وأعراضهم. وشدد على الفرق في الفتوى بين التيسير المنضبط بضوابط الشريعة ، وبين التساهل غير المنضبط بتلك الضوابط ، فالتيسير لا يقصد به التساهل ، وإنما يقصد به الاعتدال وعدم إلحاق العنت بالسائل، وتقديم الأيسر على الأحوط في حال تساوي الدليلين والحذر من التساهل في الفتوى ، سواء أكان عن طريق التساهل في طلب الأدلة وطرق الأحكام.، أم عن طريق التساهل بطلب الرخص وتأول الشبه وأن ليس التيسير هو المقصد الوحيد الذي يراعيه المفتي بل يوجد مقصد آخر تجب مراعاته ، وهو إخراج المكلف من اتباع هواه إلى طاعة مولاه. وأشار البيان إلى أن من ضوابط التيسير في الفتوى أن يكون وفق أصول الشريعة وأدلتها وأن لا يفضي إلى التحلل من التكاليف وأن يكون المقتضي للتيسير متحققاً من دفع مشقة عامة أو خاصة و لا يصير المفتي إلى التلفيق، أو القول المرجوح ، ولا العمل بالرخصة الفقهية، إلا بعد تحقق شروطها ويتغير الاجتهاد بتغير المناطات والمدارك، بحيث تحدث وقائع جديدة غير السابقة ، فإذا تحقق المفتي من ضعف المدرك السابق أو زواله، أو ترجح غيره عليه لمصلحة معتبرة شرعاً وغير موهمة ، صح منه النظر في أمر تغيير الفتوى.وعلى المفتي عدم النزوع إلى تغيير فتواه لأول سانحة من حاجة أو مصلحة غير معتبرة شرعاً ، كما يجب عليه عدم البقاء على فتواه في كل حال ، بل يسلك في ذلك طريق الراسخين في العلم ممن أخذ بالنصوص واجتهد في تنقيح مناط الحكم وتحقيقه. وتغيير الفتوى سواء أكان بسبب تغير الأعراف والعوائد ، أم بسبب المصالح الطارئة المعتبرة ، أم بسبب فساد الزمان وأهله، وما تقتضيه السياسة الشرعية ، مشروط بعدم معارضة النصوص القطعية والكليات الشرعية، والمبادئ الأساسية ، والمقاصد والغايات التي جنسها مراد لله ورسوله وقد اخطأ من ظن أن الأحكام تتغير بتغير الزمان، على وفق ما تقتضيه مصالح موهومة، ولو أدى ذلك إلى مخالفة نص أو إجماع . وأكد أهمية المجامع الفقهية ، وسائر مؤسسات الفتوى ، والاجتهاد الجماعي ، عملاً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم واستناداً لمنهج الخلفاء الراشدين، والسلف الصالحين. ورأى البيان أن القضايا التي تتعلق بمصالح الأمة، وتتصف بطابع العموم الذي يمس المجتمعات كافة، وتخرج عن القضايا الفردية إلى القضايا المتنوعة والعامة ، تتطلب اجتهاداً جماعياً ، يجمع بين فقهاء الشرع وخبراء العصر . وبين أن الاجتهاد الجماعي أقرب إلى الحق، وأدعى إلى القبول والاطمئنان من عامة المسلمين، وله أهمية بالغة لأسباب منهاأن مؤسساته وهيئاته تضم عدداً من الفقهاء المؤهلين وأهل الخبرة ، فالفقهاء يعلمون النصوص ومدلولاتها ومقاصدها، والخبراء يعرفون الواقع ومآلاته ، والحكم الشرعي مركب من العلم بالنصوص والعلم بالواقع وأن المناقشات في مؤسسات الاجتهاد الجماعي قد تبرز نقاطاً كانت خافية ، وتجلي أموراً كانت غامضة ، وتذكر بأمور كانت منسية وأن الاجتهاد الجماعي وسيلة لتنظيم الاجتهاد والفتوى ، ومنع غير المختصين من الخوض في غير تخصصاتهم ، وسد الباب أمام فوضى الفتاوى غير المنضبطة في وسائل الإعلام المختلفة وتجنب ما قد يكون في الاجتهاد الفردي من قصور أو شذوذ، أو تأثر ببعض النزعات الخاصة وتقريب وجهات النظر ، وتقليل مساحات الخلاف بين المسلمين. وورد في البيان أن الفتاوى القائمة على الضرورات ينبغي أن تنضبط بضوابط ، منها أن تكون صادرة عن اجتهاد جماعي إذا كانت مما يتعلق بعموم الأمة ، ولا ينفرد بها الآحاد ، إلا أن تكون الضرورة مما لا يختلف فيها وأن يستعان في تقدير الضرورات والحاجات في الأمور المتخصصة ؛ كالطب والاقتصاد ونحوهما بأهل الاختصاص والخبرة. قال تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) وشدد على أن الفتوى الخاصة المبنية على أساس الضرورة لا تعم جميع الأحوال والأزمان والأشخاص إذ أن الضرورة تقدر بقدرها، وهي حالة استثنائية تنتهي بمجرد انتهاء موجبها ، ووجوب السعي لإيجاد بديل عنها قدر المستطاع. وطالب بأهمية الاعتناء في الإفتاء للأقليات المسلمة بالقواعد الفقهية الميسرة بشروطها ؛ وذلك محافظة على سلامة حياتهم الدينية وتطلعاً إلى الإسهام في نشر الإسلام. وأكد أن على المفتي عبر وسائل الإعلام وخاصة البث المباشر أن يتصف بالقدرة على استحضار أحكام المسائل وشروطها وضوابطها وموانعها في حال الاستفتاء والتنبه للمقاصد غير المشروعة لبعض السائلين ، ولا يفتي بالظاهر الذي قد يتوصل به السائل إلى مقصوده غير المشروع، وتفادي الحديث عن مسائل تخدش الحياء، أو لا يحسن عرضها على الجمهور ومعرفة مراد السائلين وأعرافهم وأحوالهم المؤثرة في الأحكام قدر الإمكان، وتنزيل الكلام على حال المستفتي وعدم الفتوى في المسائل القضائية التي تحتاج إلى سماع أقوال الأطراف الأخرى ، وكذلك القضايا العامة التي تحتاج إلى نظر جماعي والظهور بالمظهر اللائق ، والحرص على عدم الوقوع في المخالفات الشرعية أثناء عرض البرنامج وإذا كانت الفتوى خاصة بالمستفتي فينص على ذلك. وأوصى المؤتمرون بتوصيات عامة من شأن الأخذ بها العناية بالفتوى ودعم مؤسساتها في الأمة الإسلامية ، وهي دعوة كليات الشريعة والمعاهد الشرعية العليا للعناية بتدريس أصول الفتوى وضوابطها وما يتعلق بها من شروط المفتي وصفاته وآدابه ودعوة القائمين على مؤسسات التعليم إلى العمل على وضع الفتاوى الجماعية المعاصرة في المقررات التعليمية ودعوة المجامع الفقهية ومؤسسات الفتوى والمعاهد والكليات الشرعية إلى إقامة الندوات واللقاءات للتعريف بالفتوى ، وضوابطها، وبيان أهميتها ، وخطرها ، وحاجة الناس إليها ودعوة الدول الإسلامية إلى العناية بمؤسسات الفتوى ، وتوفير المفتين في أنحاء كل دولة ، حسب الحاجة، تيسيراً على الناس، ورفعاً للحرج عنهم ودعوة المجامع الفقهية وسائر مؤسسات الاجتهاد الجماعي إلى الإهتمام بمجالات عملها ، عبر العمل على استيعاب القضايا والنوازل والإشكالات المستجدة في حياة المسلمين، مع إعطاء الأولوية لأكثرها إلحاحاً وشيوعاً وتأثيراً بين المسلمين والعمل على استفادة المجتمعات من الجهود والقرارات التي تصدرها وذلك بتبليغها والمساعدة على تطبيقها و التواصل والتنسيق فيما بينها في واجباتها المشتركة، وتعزيز روح التعاون والتكامل ، وتجنب الإزدواجية والتعارض والتأصيل الفقهي للعلاقات مع غير المسلمين في الواقع المحلي والعالمي في ضوء أحكام الشريعة وسماحة الدين ودعوة الدول الإسلامية والهيئات ذات العلاقة إلى دعم مؤسسات الاجتهاد الجماعي مادياً وأدبيا بما يمكنها من أداء رسالتها ، والقيام بواجباتها. ودعا البيان المؤسسات الرسمية والشعبية في الأمة الإسلامية إلى عرض النوازل المشكلة والمستجدة على المجامع الفقهية وهيئات الفتوى المعتبرة وتنفيذ ما يصدر عن تلك المجامع والهيئات من فتاوى وقرارات ودعوة الدول الإسلامية إلى صيانة منصب الفتوى والمفتين باتخاذ الوسائل الكفيلة بجعل المفتي الأهل المعين من قبل ولي الأمر مستقلاً في فتواه، بعيداً عن المؤثرات غير الشرعية ومنع غير المؤهلين للفتوى والمتساهلين فيها، وأهل الأهواء والحيل الباطلة من ممارسة الفتوى ، حماية للدين والمجتمع ودعوة وسائل الإعلام المختلفة إلى نشر قرارات المجامع الفقهية وفتاوى مؤسسات الإفتاء المعتبرة، والتعريف بها، وعدم إتاحة المجال لغير المتخصصين في الشرع من التعرض لها والتشكيك فيها . وطالب البيان القائمين على وسائل الإعلام المختلفة بعدم تمكين غير المؤهلين للفتوى علماً وعدالة من ممارستها عبر الوسائل الإعلامية وعدم نشر الفتاوى الشاذة والترويج لها، والاستعانة بأهل العلم الموثوقين لمعرفة ما يجوز نشره وما لا يجوز ودعوة العلماء والمتصدين للفتوى إلى استثمار وسائل الإعلام المختلفة في نشر الفضيلة والعلم الشرعي، وما يؤدي إلى صلاح الأمة والنهوض بها ودعوة المتصدين للفتوى وهيئات الرقابة الشرعية للاستفادة مما يصدر عن المجامع الفقهية وسائر مؤسسات الفتوى ودعوة أساتذة الجامعات والباحثين إلى تدريس قرارات المجامع الفقهية ومجامع البحوث ، وهيئات كبار العلماء والاستفادة منها في البحوث العلمية وإنشاء معاهد عليا للإفتاء يدرس فيها المتفوقون من خريجي كليات الشريعة؛ ليتأهلوا لهذا الشأن. وأكد البيان على ما سبق أن صدر من الملتقى العالمي الأول للعلماء والمفكرين المسلمين، المنعقد في رابطة العالم الإسلامي بمكةالمكرمة ، عام 1426ه ، بدعوته الرابطة إلى إنشاء هيئة عليا للتنسيق بين المجامع الفقهية ودور الفتوى في العالم الإسلامي. كما أصدر العلماء المشاركون في المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها بيان مكةالمكرمة بشأن جرائم الحرب الإسرائيلية على غزة قالوا فيه // إن العلماء والمفتين المشاركين في المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها المنعقد في رابطة العالم الإسلامي في مكةالمكرمة نظروا إلى ما يجري من أحداث أليمة وجرائم حرب بشعة قام ويقوم بها الإسرائيليون المحتلون ضد أبناء غزة وما نجم عن ذلك من قتل للأطفال والنساء والشيوخ ودك للبيوت على رؤوس ساكنيها ، وتدمير للمساجد والمدارس ومراكز الإغاثة والمستشفيات والهيئات الدولية وملاحقة للمسعفين والأطباء ومنع لوصول الإمدادات والطاقة والدواء والغذاء لأهل غزة , وانطلاقاً من مسؤولياتهم وإبراء للذمة وقياماً بشهادة الحق وبيانها للناس ونصرة لإخوانهم المستضعفين المظلومين في غزة وسائر فلسطين . وقرر المشاركون في المؤتمر أن ما يقوم به أهالي غزة من الدفاع عن أنفسهم وأهليهم وأموالهم وبلادهم هو أمر مشروع وواجب ديني وحق إنساني تقره كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية ، والأعراف الإنسانية . ودعوا الى نصرة المستضعفين في غزة ، بمختلف الوسائل المشروعة المتاحة ، وعلى كل مستوى، وأمام كل جهة وهيئة كما دعوا القادة والزعماء العرب والمسلمين إلى تكثيف جهودهم عبر ما يمتلكونه من رصيد العلاقات الدولية لإيقاف هذا العدوان الوحشي، وضرورة انسحاب القوات المعتدية ، وفك الحصار الظالم، وفتح المعابر بشكل دائم ؛ توافقاً مع مبادئ القانون الدولي ، ومواثيق حقوق الإنسان ، التي تجرم محاصرة المدنيين . كما طالبوا بضرورة المبادرة والمسارعة ، بكل أوجه الدعم الإنسانية والإغاثية من الغذاء والدواء والطاقة ، وسائر أوجه الدعم الإنساني المختلفة لأهالي غزة واتخاذ الوسائل القانونية والإعلامية لدى الهيئات والجهات والمنظمات الدولية والحقوقية لمحاكمة المعتدين على غزة، بوصفهم مجرمي حرب، وفق القوانين والأعراف الإنسانية. وقدر العلماء اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود المتميز بالقضية الفلسطينية عامة، وبموقفه الإنساني تجاه أهالي غزة وما أصابها من تدمير بسبب الإجرام الإسرائيلي ، وتخصيصه مليار دولار لإعمار غزة ، وما قام به حفظه الله سابقاً من رعاية للمصابين ، وكذلك حرصه في مؤتمر القمة العربية الاقتصادية / قمة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة / المنعقد في الكويت على رأب الصدع وجمع الكلمة والعمل المشترك الجاد . كما قدر العلماء جهود مختلف الدول والهيئات الرسمية والشعبية التي وقفت مع أهالي غزة .