اتجهت مستشفيات عدة في الآونة الأخيرة إلى حفظ بيانات المرضى وأسرارهم المرضية في أجهزة الحاسوب وأرشفتها بطريقة إلكترونية حديثة، بينما مازالت مستشفيات أخرى خاصة أو حكومية تعتمد على الملفات الورقية وإيصالها إلى عيادات الأطباء ووضعها في صناديق بجانب باب حجرة الطبيب، ما يجعل الملف من وجة نظر البعض في متناول أي شخص عابر يمكنه الاطلاع على محتوياته، ومعرفة كل ما يخص المريض.. إضافة إلى إهمال بعض موظفي الاستقبال الذي يتمثل في وضع الملفات الطبية على الكاونتر ما يسهل اطلاع أي شخص على مضمون هذه الملفات، ما يعد مخالفة واضحة وصريحة لأصول المهنة والأمانة التي يقتضيها العمل في المستشفيات بحسب قول عدد من المرضى ..وبين هذا وذاك ما هي حقيقة الإهمال في التعامل مع ملفات المرضى في المستشفيات؟ استهتار وإخلال عبد الله الزهراني (موظف حكومي) غاضب من تعامل المستشفيات الحكومية خاصة مع ملفات المرضى وعدم محافظتهم على سرية وخصوصية معلومات وأسرار المريض.. ويروي عبد الله تجربة شخصية فيقول: راجعت مستشفى خاصا وصادف وجود زحمة كبيرة عند موظفي الاستقبال، وبعد طول انتظار طلبت من الموظف سرعة إرسال الملف إلى الطبيب فأبلغني أن المراسل تأخر وحدثني أنه بإمكاني أخذ ملفي والذهاب به إلى عيادة الطبيب مباشرة، فلم أمانع كسبا للوقت وحملت الملف وأخذت أتصفحه وأنا في طريقي للعيادة أطلعت على كل صفحاته وقرأت جميع التفاصيل الموجودة بداخله من إجازات مرضية، ووصفات طبية، وأسماء الأطباء الذين راجعتهم سابقا، وهنا استغربت من استهتار موظف الاستقبال الذي تهاون وأعطائي الملف بكل سهولة، وأعتقد لو أن شخصا آخر طلب الاطلاع على ملفي أن هذا الموظف لن يمانع وسيمكنه من ذلك. وهذا إخلال للأمانة. نقلة عصرية خالد علي الجهني (موظف حكومي) يقول: ابني مصاب بشلل نصفي ما يجعلني أراجع مستشفى حكوميا من وقت لآخر، وفي الآونة الأخيرة لمست تطورا كبيرا ونقلة في حفظ المعلومات الخاصة بالمرضى، وكذلك السرعة الفائقة في مراجعة العيادات ما جعل الأمر سهلا وبدون الحاجة للانتظار لكي يصل الملف إلى الطبيب والدقة حيث تنعدم نسبة الخطأ،حيث كان من الممكن في السابق أن يذهب ملف المريض إلى طبيب غير المقصود، أويضيع الملف وحاليا أصبحت الطريقة جيدة وعصرية وجميع بيانات المريض تسجل في ملف خاص به وبرقم سري محفوظ لدى المستشفى ويرسل إلى الطبيب المعالج آليا حفاظا على خصوصية المعلومات وعدم ضياعها أو تعرضها للعبث. الأمانة والمسؤولية رئيسة قسم السجلات الطبية في مستشفى الملك فهد في جدة عواطف القحطاني أشارت في هذا الجانب أنهم حاليا ينفذون أسلوب ضمان السرية التامة لملفات المرضى من خلال أرشفتها وحفظ جميع تفاصيلها في الحاسوب برموز خاصة لا يستطيع أي شخص الدخول إليها إلا بواسطة الموظف المختص. وملفات المرضى الجدد ترسل إلى الطبيب المختص آليا عن طريق الحاسوب، بعد أن انتهينا من تخزين معلومات الملفات القديمة الورقية التي مضى عليها أكثر من عشرة أعوام، ونعكف حاليا على الانتهاء من كافة الملفات الورقية فعدد المسجلين في مستشفى الملك فهد العام منذ افتتاحه وإلى الآن 1000000 ملف وهذا العدد يحتاج إلى وقت وجهد لتخزين كافة المعلومات بالطرق الحديثة، مؤكدة أنهم تخصلوا من الملفات الورقية بحرقها و فرمها. السرية مطلوبة من جهته اعترف رئيس الخدمة الاجتماعية في مستشفى الملك فهد في جدة طلال الناشري بوجود عشوائية وإهمال في حفظ ملفات المرضى في بعض المستشفيات، وقال: صحيح أن الملفات الطبية مكتوبة برموز يصعب على أي شخص عادي فهمها أو قراءتها إلا طبيب مختص، لكن لا يعني ذلك أن تترك الملفات دون حرص أو اهتمام، فمن وجهة نظر خاصة يجب تعميم حفظ الملفات في ملفات إلكترونية قابلة للحفظ والتخزين لمدة طويلة جدا وربطها بشبكة واحدة في كل المنشآت الطبية الحكومية والخاصة في مختلف مناطق المملكة. الأطباء سبب التأخير من جهته أرجع مدير إدارة تقنية المعلومات في صحة جدة الدكتور أحمد بلخير أسباب تأخير تنفيذ تعميم التعامل مع ملفات المرضى والمراجعين آليا إلى الأطباء أنفسهم لرفضهم التعامل مع أجهزة الحاسوب وإصرارهم على استخدام الملفات الورقية، مشيرا إلى وجود لجان تعمل على تعميم التقنية المعلوماتية في جميع المستشفيات وإدخال جميع بيانات المرضى والمراجعين تحت رقم موحد (السجل المدني) للمواطنين، ورقم الإقامة للوافدين، وهذه الخدمة ستشمل أيضا الحجاج . البدء في التطبيق أخيرا أوضح مدير عام تقنية المعلومات في وزارة الصحة الدكتور زهير رضوان،أن نظام حفظ أسرار المرضى في ملفات ورقية أصبح غير مجد ومكلفا في الوقت نفسه، وأن الوزارة وضعت خطة خمسيه لحفظ الملفات آليا، بدأت مرحلتها الأولى وطبقنا حتى الآن عشرة في المائة، وفي حال الانتهاء من التطبيق الآلي سنوفر 60 في المائة من القدرات التشغيلية في المستشفيات وسنقضي على عشوائية حفظ ملفات المرضى.