قد يعتقد البعض أن ما يؤدي إلى السجن والجلد هو القذف فقط، أي اتهام الإنسان بالزنا أو ما شابه ذلك، في حين أن السب والشتم أيضاً يؤديان إلى نفس النتيجة، فقيام الإنسان بسب أو شتم إنسان آخر جريمة كافية لإدخاله السجن، وليس ذلك فحسب، بل هنالك مسألة أخرى لا تقل أهمية وهي الاتهام، أي اتهام الآخرين بالباطل كالنصب، أو الاحتيال، أو السرقة، أو التسلط، أو التجبر أو الظلم، وغير ذلك من التهم الكفيلة بإدخال أصحابها أيضاً إلى السجن. وما أود الإشارة إليه أن كثيراً من الشكاوى التي يتم تقديمها إلى الجهات الرسمية سواء كانت قضائية أو إدارية أو تنفيذية تتضمن كثيراً من الاتهامات بغض النظر عن موضوع الشكوى، بمعنى أنه، وعلى سبيل المثال، لو أن موظفاً في القطاع الخاص تقدم بدعوى ضد صاحب العمل للمطالبة بمستحقاته، فيضمن شكواه مصطلحات مثل: أن صاحب العمل ظالم أو حقود أو متسلط أو لا يخاف الله، وغير ذلك من التهم الكفيلة بتغيير منحى القضية لتصبح ضد الموظف؛ بسبب تلك الاتهامات، فتنقلب عليه وربما يدخل على أثرها السجن، وبغض النظر عن موضوع دعواه الأصلي. وينطبق على ذلك كافة أنواع الشكاوى التي يخطئ أصحابها بتضمينها مصطلحات وتهما ضد أشخاص، فتنقلب عليهم حتى وإن كان الحق معهم فيما يتعلق بموضوع الشكوى. لذا مهم جداً أن نحرص كل الحرص أثناء كتابتنا لأية شكوى أو مطالبة أن نركز فقط على ما نطالب به من حقوق، وأن نبتعد تماماً وكل البعد عن الإساءة إلى الأشخاص سواء بسبهم أو اتهامهم بأية تهم. والمحزن أيضاً أننا نجد فئة من الناس أصبح السب والشتم باستخدام أسوأ المصطلحات هو ديدنهم وفي حديثهم اليومي، وأصبح لكل منهم لسان سليط يمطر مثل تلك المصطلحات في الذم والمدح أيضاً والعياذ بالله، في حين أن كل كلمة من تلك الكلمات القبيحة التي يطلقونها كفيلة بإدخالهم السجن وربما الجلد أيضاً، فكم من سجين محكوم عليه بسبب لسانه، وكم من شخص فقد وظيفته ومنصبه أيضاً بسبب لسانه، وكم من بيت تهدم بسبب لسان أحد الزوجين، وكم من مآس لحقت بالإنسان فقط بسبب لسانه، فهل نحذر أثناء حديثنا؟ وهل نكون أكثر حذراً في انتقاء كلماتنا؟ وأن نبتعد كل البعد عن السب والشتم وإطلاق التهم؛ لأن كل كلمة منها وكما ذكرت كفيلة بإدخال الإنسان السجن جاداً كان أم مازحاً. وأختم مقالي بأجمل جملة سمعتها في حياتي ألا وهي «عطر لسانك بالصلاة على رسول الله»، اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين. * المحامي والمستشار القانوني [email protected]