المتتبع لظاهرة الإرهاب التي تعد ظاهرة عالمية مؤسفة لا وطن لها ولا دين، وأصبحت تمثل تهديدا كبيرا للسلام والاستقرار العالميين، والقضاء على هذه الظاهرة هو الشغل الشاغل للمجتمع العالمي بأسره، حيث يعد الإرهاب تحديا عالميا للبشرية جمعاء وتقتضي الضرورة القصوى مقاومته والصمود أمامه من خلال تنفيذ جهود مشتركة وتجاوز أي حدود انقسامية على طول الخط الحضاري الديني، وأن المجتمعات الإنسانية يرتبط استقرارها وأمنها بوحدتها وتآلفها وهو ما أمرنا به ديننا الإسلامي الحنيف الذي حرم ترويع الآمنين وإخافتهم وعصم دماء المسلمين والمعاهدين. وتكثف المملكة جهودها الدولية للتصدي ضد الإرهاب واقتلاعه من جذوره ومنع استفحاله وتجفيف مصادر تمويله حرصا منها على إزالة المعاناة التي اجتاحت المجتمعات الإنسانية وتزايدت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م، وكانت المملكة ولازالت سباقة في التنبيه لخطر الإرهاب سواء على المستوى المحلي أو الصعيد الخارجي، حيث تبنت قبل هجمات سبتمبر بسنوات الدعوة إلى توقيع معاهدة عربية لمكافحة الإرهاب عام 1998م وكان لها دور قيادي في توقيع منظمة المؤتمر الإسلامي معاهدة مماثلة لمكافحة الإرهاب 1999م ولله الحمد ما تقوم به المملكة في مجال مكافحة الإرهاب واضح للعيان وتحركت السعودية في المحافل الإقليمية والدولية بهدف توحيد الجهود في وجه الإرهاب، وأكدت حرصها على مكافحة الإرهاب عالميا من خلال استضافتها للمؤتمر العالمي لمكافحة الإرهاب، وبرهنت على أنها لا تألو جهدا لما فيه خير للإنسانية وأمنها واستقرارها على كافة المستويات، وتحاول أن تكون رائدة في هذا المجال، وهذا ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من خلال دعوته لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب يساهم في تسهيل تبادل المعلومات بين الدول. من الضرورة التأكيد على أن الأعمال الإرهابية تتنافى كليا مع الدين الإسلامي الحنيف الذي حفظ للإنسان كرامته ودمه، وإننا جميعا دون استثناء أو فوارق اجتماعية أو ثقافية أو حتى سياسية في خندق واحد للمواجهة والتصدي ضد الإرهاب رموزا وفكرا وجريمة، لأن من يروع طيرا في السماء أو دابة تمشي على الأرض أو اقتلع شجرة من الأرض دون وجه حق فهو بطبعه ضد الحياة. لم يشهد عصر من العصور الأممية من قبل هذه المواجهة العنيفة ضد فكر وعمل وموضوعات الإرهاب الذي أحدث شرخا كبيرا في علاقات الدول ببعضها. ولعل من المسلمات أن الإرهاب لا يحمل هوية بعينها أو تقسيما جغرافيا أو بيلوغرافيا محددة ومن لا يحمل صفة الهوية فهو عدو للأرض والإنسان، إذن فالعالم يتحد جنبا إلى جنب لمواجهة ظاهرة العنف والإرهاب الذي أقض مضجع الآمنين في ديارهم ولم يفرق بين المدنيين وغيرهم ولا يرحم الصغير ولا الكبير، ولأن موجة الإرهاب تطال كل شبر في العالم فلا يمكن أن يوصف بمذهب أو طائفة أو عقيدة. ولقد عانت الكثير من الكتل السياسية والدينية في العالم من هذا الوباء وهذا يعني بالطبع أنه لا دين ولا قومية ولا مقر دائما للإرهاب وأنا لا أستطيع أن أفصله عن أخبث الخبائث والأمراض العصرية التي أزهقت الأرواح ورملت وفجعت المجتمعات المدنية. د. انتصار أحمد فلمبان- مديرة الأنشطة الخارجية في الجمعية العربية لمناهضة الإرهاب