يشكو بعض الناس في هذا الزمان من ضياع الأخوة الصادقة وأن من ظنهم إخوة وأصدقاء تفرقوا عنه عندما احتاج إليهم، ويظن الشاكون أن هذا الداء داء حديث الولادة وأن الدنيا من قبل كان أهلها ينعمون بالوفاء ويتبادلون الأخوة الصادقة فيما بينهم، ولكن ذلك مجرد وهم فلم تزل الشكوى من الخذلان قديمة مصاحبة لوجود الإنسان على وجه الأرض، وإن كان الزمن المادي يزيدها شراسة وتوسعا، وهذا بطبيعة الحال لا يعني انعدام الوفاء بين الناس ولكن الوفاء الحقيقي المجرد من الأهواء أصبح نادرا في هذه الأيام بل إن الشاعر الحكيم الطغرائي صاحب لأمية العجم قال في لاميته عن الوفاء هذا البيت: غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت مسافة الخلف بين القول والعمل وبلغ من تشاؤمه وعدم ثقته في الناس حدا جعله يقول: فإنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعول في الدنيا على رجل والأخوة والوفاء أخذ وعطاء، ولكن بعض الإخوان يريدون أن يأخذوا دون أن يعطوا، ولذلك عاتب الشاعر العباسي نصيب الأصغر صديقا له بقوله: فلا ترج مني أن تنال مودتي إذا كنت عني بالكرامة جافيا لقد كنت أسعى في علاك وأبتغي رضاك وأرجو منك ما لست لاقيا كلانا غني عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا والأصحاب في هذا الزمان قد يعدون بالعشرات أو المئات ولكن الحقيقيين الصادقين منهم أقل كثيرا مما تظنون!، وإذا خرج الواحد من تجارب الصداقة بصديق صدوق واحد أو اثنين فإن عليه الاحتفاظ به أو بهما كما يحافظ على الجوهرة النقية النادرة وقد احتار شاعر آخر من تصرفات صديق له فقال له محتدما: فإما أن تكون أخي بحق فأعرف منك غثي من سميني وإلا فاطرحني واتخذني عدوا أتقيك وتتقيني!. ولعل هذا هو خلق الإنسان منذ قديم الأزمان!!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة