تشهد المطاعم العاملة في مكةالمكرمة، خلال شهر رمضان انتعاشا ملحوظاً نتيجة لتوافد أعداد كبيرة من الزوار والمعتمرين من داخل المملكة وخارجها على امتداد أيام الشهر. ويعمل نحو 3000 مطعم في المدينة بكامل طاقته لمواجهة الزيادة المطردة، وما أن لكل قاعدة استثناء، هناك مطاعم تغلق أبوابها مع إعلان هلال شهر رمضان، ليخلد أصحابها إلى الراحة والتفرغ للتعبد والتقرب لله، بينما يتوجه البعض الآخر إلى مزاولة مهن أخرى ليعودوا مجدداً مع انتهاء الشهر إلى مهنهم الأصلية. ومن هذه المطاعم، مطاعم رؤوس المندي الشعبية التي تعد الأقدم في مكةالمكرمة ويقبل عليها المواطنون والوافدون والزوار والمعتمرون عموما، وخصوصا من الجاليتين المغربية والإندونيسية على حد سواء. ويقول سالم عمر النهاري الذي يدير مطعما للمندي عمره 50 عاما: إن إغلاق مطاعم المندي في مكةالمكرمة طوال شهر رمضان عادة دأب عليها أصحاب المطاعم منذ أكثر من ستين عاماً، ويضيف «والدي الذي عمل بالمهنة لأكثر من خمسين عاماً كان يدرك تدني أعداد الزبائن على أكل رؤوس المندي لكونها من الوجبات الدسمة التي يحتاج هضمها لساعات طويلة، بينما يتقارب موعد الوجبات في شهر رمضان ما يعزف أغلبية الناس عن ارتياد هذه المطاعم خلال شهر الصيام». ويشير النهاري إلى أن شهر رمضان فرصة لأصحاب مطاعم رؤوس المندي لتغيير الديكورات وإجراء الإصلاحات في محالهم، مؤكداً على أن شهر شعبان يعتبر السوق الحقيقي لأصحاب محلات المندي في مكة حيث يقبل الزبائن على هذه الوجبة وتوقفهم عن تناولها لأكثر من 30 يوماً، وقال «البعض يشتري كمية من رؤوس المندي لحفظها في الثلاجات لاستخدامها في شهر رمضان». فيما يتعلق بجودة وميزة المندي أوضح النهاري «ما يميز جودة الرأس المندي هو نوع الخيش والحطب المستخدم داخل التنور، فيما يعتبر الفلفل الأسود والكمون الخلطة السحرية لهذه الأكلة المكية المشهورة». وفي مكةالمكرمة هناك عشرة محال شعبية متخصصة في بيع هذا النوع من الوجبات الشعبية يتركز أغلبها في منطقة القبة التي تعد في وقتنا الحالي واحدة من أشهر الأسواق القديمة في المدينة، وأن إغلاق مطاعم رؤوس المندي في شهر رمضان يكاد ينحصر في مكةالمكرمة كعادة سنوية في الوقت الذي تفتح فيه هذه المطاعم أبوابها في المدينةالمنورةوجدة والرياض. يذكر أن تاريخ مطاعم المندي يعود إلى أكثر من 70 عاما مضت، ويعتبر اليمنيون من أوائل من عمل في هذه المهنة في أسواق مكةالمكرمة. ويظل المعتمر المغربي والاندونيسي الأكثر إقبالاً على تناول الوجبة المكية الشهيرة من بين أكثر من 120 جنسية تفد إلى مكةالمكرمة لأداء مناسك العمرة.