فيما بدأت الأسر السعودية فعليا استعداداتها لشراء سلع لشهر رمضان، وشهدت المتاجر الكبرى والصغرى منها تزاحما ملحوظا، يؤكد متسوقون أنهم لمسوا حدوث تذبذبات سعرية خصوصا في المواد الغذائية. وعلى رغم أنه لا توجد إحصاءات دقيقة لتقدير حجم زيادة الإنفاق في شهر رمضان، إلا أنه يمكن وضع تقديرات مبنية على افتراضات رقمية، تعطي مؤشرا مبدئيا لما يحدث في زيادة. ويفترض التقدير الرقمي وجود خمسة ملايين شخص يعيشون في السعودية يملكون قوة شرائية شهرية تقدر بنحو 500 ريال لمصلحة استهلاك المواد الغذائية، وهم يتجهون إلى زيادة إنفاقهم في شهر رمضان بمتوسط 500 ريال تقريبا على الإنفاق الشهري العادي، فإن الزيادة ستصبح 2.5 بليون ريال في هذا الشهر. وفي حال أضفنا أيضا مبلغ 500 ريال أخرى لمصلحة سوق الكماليات مثل الملابس وغيرها، فهناك أيضا مبلغ 2.5 بليون ريال أخرى، أي أن المجموع الإجمالي في زيادة الإنفاق سيكون في حدود خمسة مليارات ريال. وردا على ذلك، يقول تجار تجزئة وجملة تحدثت معهم «عكاظ»: إن ثمة مبررات لتلك التذبذبات أو الفروقات السعرية، في مقدمها: زيادة مستويات الطلب الإجمالي مقارنة بالعرض من قبل الأفراد والعائلات لتوفير متطلباتهم من سلع شهر رمضان. مرجحين بدء تلاشيها واختفائها أي تلك الفروقات بشكل نهائي في الربع الأول من نفس الشهر موضحين القول: «لا مخاوف من صعود قياسي مفاجئ قد تشهدها الأسواق الاستهلاكية في الفترة المقبلة». ويقول أحمد سالم أحد المسؤولين في مؤسسة بابدر لتجارة الجملة: «إن التذبذبات السعرية تعد نتاجا لعوامل اقتصادية تتعلق بالسوق نفسها والمستهلك، فسوق التجزئة تشهد منافسة حادة تنعكس على تدني الهامش الربحي الذي يصل في كثير من الأحيان للبيع بسعر التكلفة لمواجهة المنافسة». ويتفق معه صالح خشة، مدير سلسلة متاجر تجزئة في المدينةالمنورة، ويقول: «إن أنماطا وعادات استهلاكية يصاب بها الأفراد والعائلات في رمضان تدفعهم إلى اتخاذ قرارات شراء تتجاوز في كثير من الأحيان عامل السعر مقابل الوفرة». ويمكن القول هنا مثلا: إن سوق مدينة جدة، مثلا تعد أبرز سوق للتجزئة في السعودية نتيجة للأسلوب الاستهلاكي الذي يطغى على الأسر فيها وتفضيلهم للشراء من المتاجر أو المخازن الكبرى «سوبرماركت» على حساب محلات الجملة، ما يعني أنه يمكن تطبيق نموذجها على أسواق المناطق الأخرى في البلاد. وتبعا لذلك، وبحسب مسؤول في سلسلة متاجر الدانوب: «إن أي تذبذب في مجموعة المواد الغذائية بجميع أصنافها يبدو منطقيا أو مبررا».. موضحا أنه يجب أن لا تثير قلقا بن المستهلكين، فمعظم الفروقات السعرية لا تتجاوز أجزاء أو مايفوق «الريال السعودي» أو بأكمله كحد أقصى. وفي شأن ذي صلة، يقلل مراقبون فرص حدوث صعود قياسي مفاجئ للأسعار في شهر رمضان، إذ أن وزارة التجارة والصناعة تبدو على ما يبدو أكثر إصرارا وعبر الإدارات المختصة بالتفتيش والمراقبة على الأسواق هذا العام تحديدا، وأعلنت سابقا أنها ستكون صارمة لصد أي محاولات لفرض خريطة أسعار جديدة مستغلة زيادات مرتبات الموظفين أو حتى حدوث نقص في إمدادات السوق. ويتمثل ذلك الدور في حملات تفتيش دوري تتضمن الأسعار والجودة من خلال مراقبة تواريخ الصلاحية، وإن كان الأخير يتطلب تفعيلا كما جرت العادة أن تشدد الوزارة على المستوردين والتجار كل عام، على ضرورة توفير مخزون سلعي جيد لمواجهة الطلب المرتفع، كما أن معظم المصانع المنتجة للمواد الغذائية الاستهلاكية تزيد من طاقتها الإنتاجية لمواجهة الطلب. ونتيجة لكل ذلك، فإن السوق موعودة في شهر رمضان بالتحول إلى مهرجان تسوق يستفيد منه المستهلك من العروض السلعية للتجار والمصانع. ولا ينحصر إصابة السوق السعودية بارتفاع الطلب على المواد الغذائية وبما ينعكس على تذبذبات الأسعار، بل يمتد ليشمل مجموعات سلعية أخرى، مثل: الملابس الجاهزة، الأحذية، الأقمشة، المجوهرات، والترفيه، والأثاث المنزلي. وهذه الأخيرة تقفز فيها أرقام المبيعات إلى معدلات قياسية مقارنة بفترة ركود طويلة نسبيا خلال الفترة الماضية. وثمة اتفاق على أن ما يسود السوق من ارتفاع في الطلب على جميع المجموعات السلعية في شهر رمضان ما ينعكس أخيرا على ارتفاع الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة، تؤكده أرقام مصلحة الإحصاءات العامة التابعة لوزرة التخطيط. ويعتبر ذلك الرقم مؤشرا لصعود مستويات الطلب الإجمالي مقارنة بالعرض الإجمالي من السلع والخدمات بشكل عام، وهو يفسر ارتفاع أو انخفاض الأرقام القياسية لحساب معدلات التضخم سواء أكان ذلك على مستوى إجمالي المؤشر العام أو على المجموعات السلعية والخدمية. مع ملاحظة أن هناك عوامل أخرى مثل علاقة الإنفاق العام بإيرادات الدولة ومن ثم عجز أو فائض الموازنة، إضافة إلى الاتجاهات التضخمية أو الانكماشية التي يتعرض له.