•• في الحياة المعاصرة؛ من يفقد أُفُقه وبوصلته لن يعبر محيطه.. ومن لم يهيئ نفسه لنقلة غير طبيعية في حياته سيؤلم عقله وقلبه.. ومن ينقضِ به الزمان سريعاً سيسلك سُبُلاً متباينة متجمداً في مكانه.. ومن يظل حاضراً في دائرته لم يبرحها سيتسكع في الحياة على غير هدى.. هؤلاء الخاوية عقولهم وأرواحهم من التغيير والتطوير؛ رحلت عنهم الحياة في معاندة شرسة للعدم. •• أفعال خونة الأمانة وأوصافهم شوّهت جمال الحياة.. هؤلاء سيصبحون يوماً كجناحي نسر عجوز أنهكه الزمان.. فحين كانوا يحملون أكثر من ضمير، وكان الغِش بيتهم الثاني، تدثروا بالمكر وأكل أموال الناس ظلماً.. وعندما فقست أقواس الكآبة خزائن أرواحهم عاشوا في أقصى ركن من الدنيا.. أما من تسري في أطرافه لذعة ندم، فسيبحث بشغف عن إنسانية افتقدها من السابق. •• المحتسون في قلوبهم القلق والتمزق؛ سوف يتعبون من انتظار حياة حقيقية.. ومن يسحب شريط حياته البهيجة من نحره؛ ستبقى ابتسامته مسمومة فاترة.. ومن يستلقي على محفة زمن قصير محسوب بالومضة؛ سيتركه كل شيء بلا أسف.. ومن تتساقط عناقيد الأيام من أمامه؛ ستقيد معاناته ضد مجهول، ثم يهرب من مواجهة الناس.. إخراج المعاناة من الأقبية شرط الوجود الأكمل في الحياة. •• هناك أناس نقرأ في وجوههم اضطراباً من شدة العوز؛ يبرزه قلق هيئتهم الذليلة رغم تعابير وجوههم الهادئة.. وهناك من يطلق صوتاً حزيناً من شدة الشقاء في سبيل لقمة عيش؛ تظهر في نظراته الواهنة الكئيبة وابتسامته الشحيحة المكسورة.. وهناك من يتضخم قلبه بحزن كظيم من شدة تورم سحنته الشاحبة.. تلك الصدور المتوغرة خرجت من أرواح متخثرة، طبعتها على الوجوه تجاعيد الزمن.