بقلم: محمد أمين، النائب الأول لرئيس شركة «دِل تكنولوجيز» في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا لا نذيع سراً إذ نقول إن الابتكار أصبح أمراً لا مفر منه، إذ إنه عامل مهم في سياق التعاون وإحداث التحول. ودون الابتكار لن تتمكن الشركات من مواكبة التغييرات في السوق، أو أن تتبنى تلك التغيرات والتحولات لتحقيق أي استفادة مرجوة منها. ويمكننا القول بكل ثقة، إن الابتكار اليوم هو حجر الأساس في الاقتصاد الرقمي. وجدير بالذكر أن من المتوقع أن ينمو سوق الابتكار العالمي بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 16.4٪، بحسب دراسة حديثة أجرتها مؤسسة Straits Research. وسترتفع قيمة هذا السوق بشكل كبير من 1.5 مليار دولار أمريكي في عام 2021 إلى 6.2 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2023. وعلى الرغم من هذه التوقعات الإيجابية، إلا أن هناك عوامل تعيق المؤسسات عن التقدم في مبادراتها الخاصة بالابتكار، إذ إن الشركات لن تتمكن أبداً من الابتكار في العالم الذي نعيشه اليوم دون أن يكون لديها الكادر المناسب من الموظفين المؤهلين، فضلاً عن العمليات والتقنيات الملائمة والداعمة للابتكار. وغالباً ما لا يكون هذا بالأمر السهل كما يبدو للوهلة الأولى، وفي كثير من الأحيان، يؤدي تبني الأنظمة والبرامج الجاهزة الموجودة في السوق إلى اختلال التوازن بين العناصر التي يقوم عليها الابتكار، ألا وهي الأفراد والعملية والتكنولوجيا. وقد أثبت مؤشر دِل تكنولوجيز للابتكار لعام 2023 هذه الحقيقة، إذ كشف أن 72٪ من قادة الأعمال في المملكة العربية السعودية يميلون أكثر إلى تفضيل أفكارهم الخاصة، بينما يقوم حوالى النصف منهم فقط (51٪) بمواءمة مشاريع الابتكار مع أهداف شركاتهم. كما أشارت الدراسة إلى أن 51% فقط من قادة الأعمال يقومون بتحليل ودراسة المشاريع التي لم تحقق النجاح المنشود، ليتلافوا الأخطاء في المشاريع الجديدة. ومن اللافت للنظر أن 56٪ من قادة الأعمال في المملكة العربية السعودية يعتقدون بأن التكنولوجيا الموجودة لديهم ليست على قدر كافٍ من التطور، ولذلك فهم يخشون من التخلف عن منافسيهم. ولذلك يجب على الشركات أن تقوم بمقاربة مختلفة توفر لها التفكير بطريقة مبتكرة، لا سيما أننا نمضي قدماً نحو الاقتصاد الرقمي. ونحن في دِل تكنولوجيز نؤمن بأن أحد أكثر الطرق المؤثرة والفاعلة في هذا السياق هو تمكين المبتكرين ودعمهم لإحداث تغيير مباشر في حياة الناس اليومية. وهذا يقتضي بالضرورة أن يقوم قادة الأعمال بضمان جهوزية شركاتهم وقدرتها على تبنّي الابتكار وجني ثماره، ومعرفة المجالات التي يجب أن يولوها تركيزاً أكبر. وجدير بالذكر أن تسخير الابتكار واستغلاله بالشكل الأمثل لا يمكن أن يتم إلا عندما يتم توظيف كوادر مناسبة، وتنفيذ العمليات وإجراء التحول التكنولوجي بشكل موحّد عبر جميع ممارسات الشركة. شركات قائمة على الأفراد في المملكة العربية السعودية، يشير 56٪ من المشاركين في دراسة دِل إلى أن الثقافة السائدة في شركاتهم تمثل عائقاً أمامهم يمنعهم من أن يطلقوا العنان للابتكار بالشكل الذي يرغبون به. وفي واقع الأمر، يبدأ الابتكار الحقيقي بالقيادة التي تؤمن بموظفيها وتدعمهم، وبالتكنولوجيا التي تحرر الأشخاص من أعباء المهام الروتينية غير المنتجة. ومن المفيد أيضاً أن يقوم قادة الأعمال بتشجيع موظفيهم على استكشاف الابتكار في داخلهم. والأمر الذي تفشل الشركات في كثير من الأحيان في إدراكه، هو أن التحول الناجح لأي شركة يتمحور حول العنصر الأهم من الأجهزة والبرمجيات، وهو الأفراد. عملية شاملة أصبحت البيانات في الحقبة الراهنة عاملاً مهماً يوفر للشركات ميزة تنافسية مهمة، وبات بإمكان المؤسسات تحقيق نجاحات في غاية الأهمية من خلال استغلال البيانات، وإصدار القرارات في الوقت الفعلي. ومن اللافت أن 53٪ من صانعي القرار في المملكة العربية السعودية أشاروا إلى أن قراراتهم المتعلقة بالابتكار تستند إلى البيانات. ولا يمكن أن تزدهر عقلية الابتكار إلا عندما تستخدم الشركات البيانات والرؤى المتاحة لبناء عملية شاملة ودقيقة، بدءاً من ظهور الفكرة ووصولاً إلى تنفيذها. التكنولوجيا كمحفز للنمو وعلى الرغم من التحولات السريعة في الاقتصادات العالمية، إلا أن العديد من الشركات لا تزال تهمل التكنولوجيا كعامل للتغيير. ومن أهم أسباب ذلك التعقيد الملازم لتكنولوجيا المعلومات، إذ إن تبنّي تقنيات جديدة قد يكون أمراً مرهقاً ومكلفاً. ومع ذلك، يمكن للشركات في ظل توافر نماذج الدفع مقابل كل استخدام، مواءمة أهدافها في مجال الابتكار مع المرونة والبساطة التي توفرها هذه النماذج. وفي سوق المملكة العربية السعودية، يُوفر نهج (كخدمة) الذي نتبناه فرص نمو مهمة، وقد أثبت هذا النهج نجاحه كعامل تغيير حقيقي بالنسبة لعملائنا. لا يمكن تجاهل تأثير التقنيات الناشئة نرى التحول يحدث من حولنا في مختلف مستويات تكنولوجيا المعلومات. ومع ظهور تقنيات جديدة في كل هذه المستويات المختلفة، سينبغي على الشركات التعامل مع هذه التطورات التكنولوجية لإنشاء منظومة ابتكار تستطيع الارتقاء بأعمال الشركة وتمكنها من خوض غمار المستقبل الرقمي، وتحقيق نتائج أفضل للعملاء، وتقليل مخاطر المنافسة في مجال الابتكار الرقمي. ويجب أن يعلم الجميع أن الابتكار يأتي بأشكال وأحجام متعددة، ويجب على الشركات التعامل معها جميعاً، فكل فكرة يمكن أن تحدث فرقاً. ولكن يجب الإصغاء جيداً لهذه الأفكار وتقييمها وتسهيلها باستخدام التكنولوجيا والعمليات المناسبة. قد تبدو الرحلة طويلة جداً من انطلاق شرارة الفكرة، إلى الابتكار، وصولاً لتحقيق تأثير ملموس وهادف، إلا أنه وكما قال ألبرت أينشتاين ذات مرة «إذا كنت تفعل ما تفعله دائماً، فستحصل على النتيجة ذاتها دائماً». لذلك، فالآن هو الوقت المناسب لنا كقادة أعمال وموظفين ومستهلكين للتطلع إلى الأمام، وتسخير الأدوات المناسبة، والقيام بالأشياء بشكل مختلف.