النموذج الأردوغاني الإخواني الظلامي والنموذج الإيراني الإرهابي الطائفي؛ وجهان لفكر منحط واحد يشد بعضه بعضا؛ في الفوضى والتدمير والتخريب والمتاجرة بالدين لتحقيق مصالح النظام فقط. فحزب العدالة هو الذراع لتنظيم الإخوان العالمي ضمن خططه لتوسيع النفوذ من بوابة الإسلام السياسي في ليبيا وتونس والسودان وعدد من الدول الإسلامية. بالمقابل يوازي ذلك؛ فيلق القدس والحرس الثوري الإرهابي، حيث يعملان لتمدد الفكر الطائفي القميء عبر أذرعته المليشياتية في سورية والعراق ولبنان واليمن وأيضا في عدد من الدول الإسلامية. أردوغان يعمل على تصدير النموذج الديني الظلامي إلى الخارج في سياق تنويع أساليب تعزيز النفوذ في العالم الإسلامي وعبر ما يسمى بالإسلام السياسي، وظهر ذلك بالتدخل العسكري المباشر في سورية وليبيا والعراق والتحرش بمصر واليونان. وجاء موضوع كنيسة آيا صوفيا ليكشف عن سوأة أردوغان، إذ لم يكن كلامه صدفة أو مجرد خطاب عابر بعد قرار المحكمة الذي هندسه بتحويل آيا صوفيا «المتحف» إلى آيا صوفيا المسجد، هذا الخطاب الإخواني المؤسلم جاء متزامنا بحشدنة شعبية لحزب التنمية في الداخل التركي قبل الإعلان عن آيا صوفيا لتصبح مسجدا بعد أن تم تحويلها إلى متحف بقرار من مؤسس تركيا الحديثة أتاتورك في اعام 1934. أردوغان اتخذ طريق الغي سبيلا وهدفا ل«أسلمة» المجتمع التركي للتمسك بحلمه لاستعادة «أمجاد» الإمبراطورية العثمانية سواء في سياساته الداخلية المتخبطة أو التدخلات العسكرية الخارجية التي عمقت من التوترات التركية مع دول مختلفة حول العالم.. ونظام خامنئي قتل الآلاف في العراق وسورية ولبنان، ويتماهى مع نظام أردوغان الذي استغل متحف آيا صوفيا، لتحريك مشاعر الأتراك والتستر برداء الدين للتخلص من إرث الرمز التركي العلماني، وترويج نفسه كخليفة مزعوم وعرض نفسه بطلا يزعم أنه يحمي المقدسات الإسلامية، في لعبة سياسية خطيرة مكشوفة، لقد تغاضى أردوغان عن كل التحذيرات الداخلية والخارجية ومضى قدما في إجراءات تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، في خطوة تعزز من سطوته الدينية على بلد يعيش تراجعا حادا في اقتصاده. «آيا صوفيا» كان كاتدرائية على مدار 916 عاماً، ومسجداً لمدة 481 عاماً، وأهداف تحويلها إلى مسجد اليوم واضحة المعالم، فمن يلاحظ الفرق بين بيانات أردوغان باللغة العربية «آيا صوفيا عودة نحو المسجد الأقصى، وعودة للمسلمين والحضارة العثمانية» وبين بياناته باللغة الإنجليزية سيلاحظ الفرق والتلاعب بالبيانات الموجهة للعرب وبين ما هو موجه للغرب! فبياناته للغرب يتحدث فيها عن أن المسجد سيكون مفتوحاً للمسلمين وغير المسلمين، وأن قراره يتعلق بالسيادة وتنظيم قانوني. فهي خطوة رمزية ضخمة تعزز موقفه وسط قاعدته الشعبية. ولم يُتخذ قرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد في هذا التوقيت بالصدفة فإن شعبية حكم أردوغان الحاكم وصلت إلى أدنى مستوى منذ عامين، وتفشى الفساد والاستبداد وأصبحت أمام الحزب الإخواني تحديات سياسية ستفقده قاعدته الجماهيرية لذلك لا يوجد مفر من اتخاذ قرار كهذا لاستعادة عواطف ما تبقى من مؤيدين خصوصا أن خصومه السياسيين نجحوا في تفتيت قاعدة أردوغان الشعبية من خلال استقطاب المحافظين والمتدينين، لذا يأمل أردوغان في أن يصوره هذا القرار في صورة المنقذ الحقيقي للمسلمين. كما ظل أردوغان قلقًا بشأن الأصوات المعارضة من داخل المجتمع المسيحي الأرثوذكسي الصغير في تركيا ولذا قال إن آيا صوفيا ستكون مفتوحة للجميع.. إن الإسلام السياسي التركي ليس رؤية دينية، ولكنه يوظف البعد الديني لأسباب سياسية، بهدف خلق أرضية للتمدد التركي في العالم الإسلامي على طريقة إيران في ما بات يعرف بتصدير الثورة التي جاء بها الخميني في 1979. إن تنظيم الإخوان العالمي وما يسمى بولاية الفقيه جناحا تدمير الأمة الإسلامية بتوسيع قاعدة الفكر الإرهابي الظلامي والطائفي نعم لقد أوغلوا في المتاجرة بالدين.. «آيا صوفيا».. ماذا فعَلتِ بِهِمْ!؟ هل تجيب؟