لم يكن مثيراً للاستغراب والضحك لدينا على الأقل حينما خرج مهرّج الإخوان قبل بضعة أيام معلناً تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد والذي لم يكن في الأصل مسجداً منذ تأسيسه، ولكن الطريف في تهريج خليفة الإخوان ليس فعل التحويل بحد ذاته ولا دوافعه الحقيقية التي يقف خلفها -ونعلمها جيداً- وإنّما تبريره المثير للضحك وللشفقة على حال أتباعه ممن تنطلي عليهم مثل هذه الخزعبلات باسم المتاجرة بالدين، وكما صرّح تاجرهم الأكبر قائلاً: إحياء آيا صوفيا من جديد هو بشارة نحو عودة الحرية للمسجد الأقصى! وإن كان من باب الإنصاف حقيقة فإن المسافة من إسطنبول إلى القدس هي أقرب ما يكون، وعليه فليرينا خليفة الإخوان كيف أن الطريق إلى تحرير الأقصى ينطلق من آيا صوفيا كما يزعم، ويثبت فعلاً بأنه ليس أكبر تجار الدين من الإخوان! واقعة آيا صوفيا الملأى بالتناقض والازدواجية والتي عُهدت بها سياسة النظام التركي وتتلخص فيها مشكلة أردوغان هي مشكلة سياسة تركيا الدولية حقيقة؛ تركيا التي كالطاووس الذي ضيع مشيته، فتركيا تريد أن تكون متناً وغصباً في أرض السياسة الأوروبية عبر بوابات الدبلوماسية والتي أوصدت جميعها في وجهها وقوبلت بالرفض، وفي ذات الوقت أن يكون لها موطئ قدم في أرض السياسة العربية عبر بوابة المتاجرة بالدين من خلال حزبها العدالة والحرية وكما هو ديدن الإخوان. الأخطر من دوافع أردوغان وبغيته من وراء تصريحه بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد والمثير للضحك هو ردّة فعل بعض دعاة سياسته وسياسة الإخوان أو أتباعهم، والترويج لتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد والذي يضم في الواقع خمسة أضرحة من السلاطين العثمانيين ممن لم يسبق لهم أداء فريضة الحج. وفي المقابل ومن المفارقات المضحكة الخطيرة أن الإخوان اعتبروا الصلاة في آيا صوفيا كالصلاة في الحرمين الشريفين حيث غرّد أحدهم قائلاً: (من لم يفرح اليوم بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد من جديد فليراجع دينه!). لذلك كنا نحذر ونقول إن خطورة دعاة السياسة والإخوان وتجار الدين على الأمن الوطني من خلال الفكر الذي يروّجون له في المجتمع وتأثيره على أتباعهم! ولعلنا نستذكر وعلى إثر فوز حزب العدالة والتنمية الإخواني ممثلاً في مرشحه الرئاسي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفي مفارقة مضحكة انتشر فيديو يظهر فيه احتفال عدد من رموز ودعاة السياسة في الكويت بفوز حزب والعدالة والتنمية بينما كان في عُرْف الصحوة والإخوان العيد الوطني حرام والاحتفال بعيد تحرير الكويت حرام والوقوف للسلام الوطني حرام لكن الاحتفال بفوز حزب العدالة والتنمية ليس حلالاً فقط بل وواجب! إن تحويل الدين الإسلامي من مضمون روحي وديني إلى أفكار أيديولوجية واستغلاله لتنفيذ أجندة سياسية لحزب يستهدف السلطة من خلال الترويج لأفكار كفكرة التبشير بالخلافة وخديعة الترويج للرئيس الرمز كخليفة للمسلمين أو عبر التأسيس لأفكار تحارب الحكومات أو تحرّض ضد الأنظمة الحاكمة وتهدد سلم الأوطان واستقرارها واللعب بالمصطلحات والشعارات الدينية (مثل شعار تنظيم جماعة الإخوان "الإسلام هو الحل" ودولة الإسلام ودولة الخلافة) ومحاولة توظيفها لإعادة تسمية الكيان السياسي للأوطان.