قلت ضمن ما قلت في مقال قبل أمس عن استعدادات وزارة الإعلام لقمة العشرين أنه قد تم تنميط المملكة ومجتمعها بصورة سلبية نتيجة ظروف وأحداث سابقة، وأُلحق الكثير بسمعتها وصورتها الذهنية بشكل مبالغ فيه ومتعمد، ولذلك علينا استغلال هذه المناسبة المهمة التي يحضرها آلاف الإعلاميين وتنقلها كل الوسائل الإعلامية العالمية لتفنيد المعلومات المغلوطة عن المملكة وتقديم الإيجابيات الكثيرة التي أنجزتها، ولكن لحساسية هذه المهمة قلت إنه لا يجب أن يتصدى لها سوى القادرين الذين يملكون أدوات الحوار المؤثر واللغة المقنعة والقدرة على المقارعة بالحجج والأدلة، وفهم ثقافة الآخر وكيفية زحزحة القناعات الخاطئة لديه. أستعيد ذكر ما سبق بعد مشاهدة الحوار الساخن الذي أجراه محاور قناة دويتشه فيله الألمانية مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الأستاذ عادل الجبير، وأتخيل كيف لو واجه ذلك الطوفان الاتهامي شخص آخر ليس بقدرة الجبير ومهارته في فن الحوار، لاسيما والمذيع كان يحاول استخدام كل الأسلحة للخروج بسقطة أو عثرة كصيد ثمين يوظفه لإدانة المملكة في الادعاءات التي حشدها. إن أي تلكؤ أو فقدان للبديهة الحاضرة أو عدم استشفاف ما يريده محاور كهذا وقراءة أفكاره بذكاء وسرعة يمكن أن يؤدي إلى نتيجة سلبية وربما سيئة يتم توظيفها وخلق قضية إضافية منها ضد المملكة. لقد قلب الجبير الطاولة على محاوريه في كثير من اللقاءات وتجاوز بنجاح فخاخا معدة بخبث ومصائد منصوبة بلؤم، وكذلك يفعل سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان منذ توليه حقيبة وزارة الخارجية. نحن لسنا مسكونين بنظرية المؤامرة عبثاً، ولا نتصور أوهاماً لا وجود لها، لقد ذكر محاور الجبير أن دولاً كثيرة ومنظمات توجه اتهامات للمملكة بخصوص الحقوق وحرية التعبير ومن أسموهم بمعتقلي الرأي، محاولاً بذلك تضخيم الاتهام وإعطاءه بعداً دولياً كي يربك الجبير أو يحرجه، لكن إجاباته كانت شجاعة ومباشرة وسريعة وواثقة، فحواها أن اتهاماتهم غير صحيحة لأنها لا تستند إلى أي حقيقة أو معلومات مؤكدة، وعليهم أن يحترموا قوانيننا وأنظمتنا ومؤسستنا العدلية مثلما نحترم قوانينهم وأنظمتهم ومؤسساتهم. لقد استنفد المحاور كل أوراقه لكنه لم يخرج بما كان يتمناه من عادل الجبير. الخلاصة، نحن نواجه حملة حقيقية شرسة واسعة ومنظمة، والإعلام لعبة خطيرة وسلاح فتاك يتطلب التعامل معه مهارة عالية وإلا فإن النتيجة ضارة جدا. انتبهوا يا من تتعاملون مع الإعلام باسم المملكة. * كاتب سعودي [email protected]