إنه وعي جيد بالمسؤولية عندما تبادر وزارة الإعلام مبكراً لبلورة الاستراتيجية الإعلامية لقمة العشرين التي ستعقد في المملكة نهاية العام، فهذا الاستباق أفضل وأجدى بكثير مما اعتدنا عليه سابقاً من جهات كثيرة، الحضور المتأخر الذي تشوبه بالضرورة الأخطاء والقصور بسبب العجلة وعدم نضج الأفكار وارتباك الأداء، ما يؤدي الى إخراج صورة قاصرة في التعبير عن المملكة وتمثيلها بالشكل الذي يتطلبه ثقلها ومكانتها وحضورها وتأثيرها إقليمياً ودولياً. مناسبة قمة العشرين تختلف كثيراً عن المناسبات السابقة التي عقدت في المملكة، تختلف عن قمم دول مجلس التعاون، والدول العربية والاسلامية، مع تقديرنا لهذه الدول ومكانتها وعلاقاتنا بها، والاختلاف يعود الى طبيعة المرحلة والظروف الدولية الراهنة، وكذلك التحولات المهمة التي تعيشها المملكة على كل الأصعدة. المملكة هي الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين، وهنا نحن نتحدث عن جدارتها الاقتصادية التي أهلتها، ولكن في جانب آخر قد تم تنميط المملكة ومجتمعها بصورة سلبية نتيجة ظروف وأحداث سابقة، وأُلحق الكثير بسمعتها وصورتها الذهنية بشكل مبالغ فيه ومتعمد، وفي مرحلتها الجديدة تحاول بعض الأطراف التقليل من انطلاقتها التحديثية الكبرى في كل المجالات، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكريا وتعليميا، وتطوير لأنظمتها الإدارية والمالية والعدلية، وقفزتها المهمة في مجال الحقوق، خصوصاً حقوق المرأة وتمكينها، كما أن المملكة أعادت اكتشاف كنوزها التأريخية وثروتها السياحية التي أصبحت مقصد الزوار من كل مكان. هذه المقومات والإمكانات والتطورات هي التي يجب على كل الجهات المعنية، وليس وزارة الإعلام وحدها، تقديمها للعالم من خلال القمة القادمة التي تشارك فيها أكبر وأهم اقتصادات العالم، ويحضرها آلاف الإعلاميين ومئات وسائل الإعلام. هؤلاء يجب أن نقدم لهم المملكة الجديدة بشكل احترافي مدروس يعود بالمردود الذي نتوخاه، وبواسطة كوادر وطنية مؤهلة وقادرة على الاضطلاع بهذه المهمة الوطنية، وليس من خلال أشخاص يعتبرون هذه المناسبة التأريخية فرصة للتكليفات والانتدابات والظهور الإعلامي الشخصي الخالي من الحس الوطني والطرح الواعي، إنها مهمة وطنية في المقام الأول والأخير، وليست تنافساً ولهاثاً وراء الميكروفونات والكاميرات للثرثرة بكلام قد يضرنا أكثر مما يفيدنا عندما يتصدى له من ليس أهلاً للكلام عن وطن يستقطب أنظار العالم. [email protected]