يبدو أن مشهد الخليجي بسيارته الفارهة في شوارع أوروبا كان ملفتاً للأوربيين، لكنه عادي بالنسبة لسكان بلاده، كون ظاهرتي الهياط والفشخرة طفتا على السطح في المجتمع الخليجي، رغم أن أغلبيته يقدر ويحترم غيره ولا يزعجهم بالنعمة التي يتمتع بها، باستثناء ثلة من الجهلة والمعتلين، الذين يتفاخرون بما يملكون أمام الملأ. ومع ثورة التقنية ونقل الأحداث في لحظتها، حوّل خليجيون تلك النعمة إلى نقمة على غيرهم، باستخدامها لترويج هياطهم وفشخرتهم، ما أغضب الكثيرين، وأضحت مشاهد الهياط والفشخرة خصوصاً على «سناب شات» مزعجة لمشاهديها، ما يستدعي دراسة تلك الظواهر التي تتنافى مع الدين قبل الذوق العام. وبدأ الهياط لدى بعض محدودي الدخل ليبرزوا أفعالاً وبطولات من نسج خيالهم، لينقلوا العدوى إلى شرائح المجتمع، وأصبح الهياط صفة معروفة، فيما تبرز «الفشخرة» لدى بعض الأثرياء، بسياراتهم وهواتفهم ومشترياتهم، بينما يظل أبرز مروجيها من الشباب، ما يهدد بتغيير أفكار النشء، بتقليد المهايطين والمتفشخرين، علاوة على تسببها حرجا للأسر المحتاجة. ولعل ردود متابعي مقطع فيديو لأحد مشاهير التواصل الاجتماعي ظهر فيه يهدي نفسه سيارة فارهة قبل أيام، يؤكد أن المجتمع الخليجي ينزعج من هذه التصرفات، إذ دعا متابعون كثر لمعاقبته وتجريم الهياط والفشخرة، لما له من أثر سلبي. وأوضح اختصاصي علم النفس الإكلينيكي طلال الثقفي ل«عكاظ»، أن الهياط سلوك مرضي مبني على نقص الثقة في النفس ما يلجئ فاعله للاستعراض لإكمال ذلك. وأضاف: انخفاض الوعي وعدم القدرة على فهم وتوجيه الحاجة سيؤديان إلى خلل كبير في السلوك، واعتبر الممارسات التي تفشت أخيرا هستيريا جماعية فرضتها الخلفية الثقافية السطحية فركزت على المظهر والشكل، ونحّت جانبا معايير التقدير والاعتزاز بالنفس. كما ساهمت وسائل التواصل في تعزيز ذلك، ما يعكس سذاجة وجهل شريحة كبيرة من مستخدمي التقنية؛ إذ وصل الأمر إلى الدخول في مراهنات أمام الشاشات لكسر الحواجز الاجتماعية لمجرد الانتشار، ما يستدعي إعادة تنظيم الممارسات المجتمعية حتى لا تخلق جيلا مستهترا لا يهتم إلا بالظاهر.