بعد الانطلاقة التاريخية لعدد من إذاعات ال FM في المملكة في سابقة إعلامية مهمة، كتبنا الكثير عن المستوى غير المتوقع من هذه الإذاعات وخذلانها للمستمع الذي أصبح يتلاعب بموجات المذياع بكل حرية، بعد أن كان محصوراً بالإذاعة الرسمية وإذاعة MBC FM. اليوم سأعود للكتابة عنها، فقبل أيام كنت أستمع لإحدى هذه الإذاعات، برنامج يقدمه شاب ذكر أن إدارة الإذاعة اختصرت مدة برنامجه إلى ساعة بعد أن كان ساعتين، حاول أن يبرر للمستمعين الأسباب، المهم كان عنوان حلقته "دعونا نهايط"، طبعاً الكلمة الأخيرة كلمة شعبية حاولت أن أبحث عن معنى بسيط لها، فوجدت الأنسب لها "التفاخر الكاذب أو الزيف"، المهم توالت اتصالات المهايطين أو عفوا المستمعين على أخينا المذيع..!! شخصياً وجدت نفسي أمام كوميديا عفوية جداً وبغلاف المهايطة، أول المتصلين من صوته شاب غلبان وعنوان الشقاء والحياة الصعبة ظاهرة من نبرات صوته، ولكن لأننا مجتمع الخصوصية، فبالإمكان لنا ان نقوم بأي دور يطلب منا، حسب المطلوب منا وليس حسب ما نراه نحن ونقتنع به، للاسف هذه حقيقة..!! الشاب المشارك طلب منه المذيع ان يبدأ "الهياط"، سأله كم رصيدك من الملايين، قال والحمدلله "نصف مليون" تلعثم المذيع وضحك، فقال آخر سيارة شريتها، ذكر سيارة عادية، هنا وبكوميديا عالية، صاح المذيع، وقال ان آخر مستوى من الهياط ممكن ان تصل له، ان تكون بمجلس وتذكر لهم انك سافرت الى دبي وصرفت عشرين ألف ريال.. فشل المستمع بأن يكون مهايطا على الطريقة السعودية، المذيع يقول انا ابي مستمعين يتحدثون بمستوى من الهياط اعلى، عن سفرات لاس فيغاس، ومجموعات السيارات الفاخرة التي يمتلكونها والملايين التي يحتفظون بها بحساباتهم، وهنا فشل للمذيع لأن هذه النوعية من الناس موجودون في الواقع ولو حرك حسه الصحفي لتحقق لنا الاستماع لهياطهم بصورة حقيقية، الصحف البريطانية كانت أكثر موادها الصحفية شهرة خلال الصيف الماضي، الحديث عن الهياط السعودي فيما يتعلق بالسيارات بالغة الرفاهية وبلوحات سعودية بقلب لندن وكذلك الحال بباريس. الهياط كمفردة هامة في نسيج الحياة الاجتماعية السعودية تفشت كثيرا بهذا المجتمع، رغم الظروف المادية الصعبة للكثير من ابناء المجتمع، تجد من يصور وبتفاخر رمي الجمرات من خلال سيارة فارهة، المشكلة ليست الرمي من السيارة ولكن تصوير هذا المشهد ونشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الكثير من المواقف التي تستغربها واصبحت دخيلة على مجتمعنا، فبعد ان كانت لفظة الهياط تستخدم من باب التسلية بالمجالس كالبرنامج الاذاعي الذي تناولته، اصبحت جزئية هامة في حياتنا. الساعة التي استمعت لها للبرنامج الإذاعي الذي فشل في الفوز بمهايطي ناجح، كانت وبصراحة ممتعة لي، لأنها كانت تتناول حقيقة بمجتمعنا، لا يمكن لإذاعة رسمية أو معتدلة أن تتناوله بالصورة المهايطية التي استمعت لها، ولكن المحزن في الوقت نفسه أن هذا البرنامج وما نشاهده عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أعطاني تصورا أننا بالفعل مجتمع "مهايطي"، مع الاعتذار لاستخدامي لهذه المفردة كثيراً بمقالي..!!