في خضم السقطات المريعة في «الجزيرة» نتيجة عدم اتزانها أمام الضربات القاسية التي تعرضت لها منظومة دعم وتمويل الإرهاب في قطر، تجري الاستعدادات الأخيرة لمسرحية «هزيلة» حول إغلاق قناة الجزيرة في إسرائيل، لتعوض القناة القطرية خسائر المشاهدات الضخمة. ولم تنطل «الخديعة» على الأوساط الإعلامية في الخليج، إذ طالما مثلت «الجزيرة» منفذ الحكومة الإسرائيلية وجيشها إلى المشاهد العربي، كون القنوات الإخبارية العربية الأخرى لا تستضيف مسؤولي حكومة الاحتلال. وبدأت قصة التطبيع الإعلامي بين الدوحة وتل أبيب منذ وقت مبكر على انطلاق مشروع الدوحة المؤدلج، حتى أن مسؤولين إسرائيليين زاروا القناة في مقرها الرئيسي بالعاصمة القطرية بعد انقلاب حمد بن خليفة على والده. وأضحت «الجزيرة» النافذة التلفزيونية الوحيدة للمسؤولين الإسرائيليين في العالم العربي، ما دفع نقابة الصحفيين الفلسطينيين مناشدة العرب في أكثر من مناسبة بعدم استضافة مسؤولي حكومة الاحتلال، أمام قمع يومي مستمر للصحفيين الفلسطينيين. ومن منطلق «اللعب على التناقضات» التي تجيدها الدوحة، سارت ماكيناتها الإعلامية على ذات النهج، حتى أن المتابع يرى اختلافات جوهرية في المفردات المستخدمة في قناة الجزيرة الإنجليزية والقناة الأم، ويشير المتخصص في الصحافة ووسائل الاتصال الجماهيرية زيد الشكري إلى صعوبة فهم التباين بين الخطابات التي تتبناها قنوات شبكة الجزيرة في سياق منفصل عن الإستراتيجية السياسية لدولة قطر. ويقول الشكري ل«عكاظ» إن أهم مدخل لفهم هذا التباين، يبدأ من فهم الصورة التي تريد قطر أن يراها عليها العرب والمسلمون، في مقابل صورة أخرى معاكسة تريد أن يراها عليها الغرب والشعوب غير الإسلامية، مستشهداً بحرص الجزيرة «العربية» على تمثيل الفلسطيني بأنه «مقاوم»، وإن قُتل فهو «شهيد»، وإسرائيل «دولة احتلال»، وأمريكا أيضاً دولة احتلال في العراق، في محاولة لكسب وجدان المشاهد العربي. وفي السياق، يؤكد الشكري خلو قناة الجزيرة «إنجليزي» من مفردات هذا الخطاب، فالمحتل اسمه «إسرائيل»، والمقاومون هم «فلسطينيون»، والشهيد بات في معجم القناة «مقتولاً»، مضيفاً «ومع هذه الدعاية الدلالية في توظيف المفردات، يبدو تأثير التوجه البراغماتي للسياسة، الذي تتحول معه المؤسسة الإعلامية إلى مجرد أداة لتعزيز الأجندة السياسية».