الإجازة سواء كانت طويلة، أو قصيرة لا تتجاوز يومين من كل أسبوع، هي في كل أشكالها، تعني متنفسا حيويا لمن كان من الذين يغرقون كل يوم في بحر من المهام الثقيلة التي يجب عليهم إنجازها. قيمة الإجازة ليست في الفراغ من الشغل، كما قد يتبادر إلى أذهان كثيرين، قيمة الإجازة تتجسد في كيفية قضاء وقتها الفارغ ونوع الشغل الذي تملأ به. فالإجازة، كما أراها، لا تعني التوقف عن العمل، ولا تعني أيضا التغيير لمجرد التغيير، الإجازة عندي، تعني أن نجد وقتا كافيا لممارسة ما نحب وما نشعر أننا كنا محرومين منه خلال العام، حتى وإن كان ذلك لدى بعض الناس لا يخرج عن ممارسة السهر ليلا والنوم نهارا، وقضاء الوقت في التنقل من السوق إلى المطعم إلى المقهى إلى صالة البيت، فرغم تفاهة ما يقومون به، إلا أن من حقهم ملء إجازتهم به طالما أنه يبهجهم. غالبا كيفية قضاء الإجازة، يرتبط بنمط الشخصية، بعض الناس يرون متعة الإجازة الحقيقية في أن تتيح لهم إحداث التغيير في أسلوب حياتهم المعتاد، فالذين من عادتهم العمل بأيديهم طوال شهور العام، قد تعني لهم الإجازة تغيير ذلك إلى الانشغال بعمل ذهني كالقراءة أو الكتابة أو الرسم أو غيرها. والذين من عادتهم العمل الذهني، قد تعني لهم الإجازة التوقف عن عملهم ذاك لممارسة أعمال بدنية كالرياضة، أو تجديد البيت، أو تغيير أثاثه، أو العمل في المزرعة، وما شابهها من أعمال بدنية تختلف عن عملهم الذهني. فالتغيير والخروج عن الرتابة والروتين اليومي الذي تسير عليه الحياة طوال العام، هو بالنسبة لهم غاية جوهرية في الإجازة. قد يكون الخروج عن الروتين أمرا مهما في الترويح عن النفس وتنشيطها، ولكن بشرط ألا يتحول إلى خروج عن القيد الأخلاقي الذي يفرض الانضباط على التصرفات، فتصير الإجازة وقتا للخروج على القيم والانحراف نحو السيئ من الفعل. ومع ذلك، لا أظن أن التغيير في حد ذاته، هو الذي يجلب المتعة، ما يجلب المتعة حقا، هو أن يفعل الإنسان ما يحب ممارسته ويشعر أنه كان محروما منه أيام الانشغال بالعمل، فالذي يحب الاستكشاف والتجوال، يجد متعة الإجازة في إتاحتها له فرصة التنقل وجوب العالم. والذي يستمتع بممارسة الرياضة، تكون سعادته بالإجازة أنها تتيح له ركوب الدراجة أو صيد السمك أو السباحة أو لعب التنس أو غيرها، وهكذا. (أفياء) هي أيضا ستكون في إجازة خلال شهر أغسطس القادم. تمنياتي لكم بأيام جميلة وعسى أن يعود اللقاء بيننا على خير. [email protected]