كل إجازة وأنتم طيبون، ولابد أن الكثيرين فكروا كيف يقضون الإجازة وإلى أين سيولون وجوههم؟ هل في سياحة داخلية أم إلى الخارج؟ .فكل منا يحسبها بطريقته .لكننا جميعاً نشعر بأننا في عطلة طالما الأبناء بلغوها بعد عامهم الدراسي الذي أرهقهم وأرهقنا، ولذلك فالإجازة تستحق أن نستمتع بها أينما كانت وكيفما تكون، شرط أن تحقق لنا السعادة وتغير روتين الحياة وتخفف ضغوطها . بطبيعة الحال لن يكون الجميع في إجازة وإلا تعطلت الأشغال، وهذه من مفارقات العطلة الصيفية، فهي للكثيرين راحة، ولغيرهم نصف راحة لأن رب الأسرة في عمل، ولفئة ثالثة قلة راحة لأنها تعني لهم ذروة موسم العمل .مثلا المرور والجوازات والبلديات، وصولاً إلى الأسواق التي تعني الإجازة المدرسية لهم موسم تسويق، ومع ذلك تسعدهم الحركة والبركة في البيع الذي يعوضهم عن مواسم هدوء وركود . هذا عن الإجازة وماذا تعني للناس .ولكن كيف يقضي الفرد والأسرة إجازة سعيدة هانئة وتعود عليهم بالنشاط وتجديد الحيوية ونفض غبار الملل والروتين ؟ . أول شيء حسب ما يقول خبراء فنون الحياة، أن يستجيب الإنسان للتغير الجديد بأن يستعد نفسياً للإجازة ويحدد ماذا يريد خلالها، وماذا سيكتسب منها معنوياً، وكيف يساعد أسرته على أن يعيشوا أياماً مريحة، فالاستمتاع بالوقت وممارسة هوايات والاستغراق في هدوء الأعصاب مسألة مهمة وإذا لم يفعل ذلك وظل على طباعه النفسية فلن يستفيد من الإجازة ولن يدع أسرته تستمتع وتقضي أياما جميلة، فالطبع يغلب التطبع كما يقول أهلنا الأسبقون، وفي الإجازة لابد أن يقاوم الإنسان طبعه ويتطبع بروح أكثر سماحة ولطفاًً ومرحاً، وإلا ستكون أيام الإجازة أثقل من سابقتها . أصارحكم القول أن الكثيرين لا يعرفون فنون الحياة ولا يستعدون لها بما يعينهم على أعبائها ولا يجيدون اغتنام أوقات الراحة، فتمضي الإجازات الأسبوعية والسنوية وإجازة أبنائهم وهم على نفس الحال، بينما من سافر لدول أخرى وتحديدا الغربية يرون كيف تعمل تلك الشعوب بإخلاص وكيف تستمتع بإجازتها كاملة وهم على سجيتهم وتلقائيتهم رغم ضغوط الحياة المادية ومفاهيمها التي طغت عليهم، فالإجازة ينتظرونها ليستمتعوا بها، بينما عندنا نتعجلها لنقضيها في نوم وكسل ولا مانع من النكد . من لا يسافر لأماكن قريبة أو بعيدة تكون الإجازة عليه عبئا أكثر إذا لم يصنع بنودا جديدة لتغيير نمط حياته ن وعليه أن يحرص على التغيير في حدود الممكن .ومن يسافر للخارج لابد وأن يتهيأ ويهيئ أسرته لوقت جميل ..وأن يتذكر جيدا التعليمات التي عادة ما تعلنها وزارتي الداخلية والخارجية لما يجب أن يحرص عليه السائح المسافر حتى لا يتعرض لمواقف محرجة وصعبة وربما توقعه لمساءلة قانونية في تلك الدول، وأن ينتبه لأغراضه ووثائقه الشخصية ولا يحمل معه ما غلا ثمنه، ويتجنب الأماكن المشبوهة، ولا يحملون من الأمتعة ما يربك سفرهم وإقامتهم بالخارج وفي رحلة العودة . السياحة تعني حياة أبسط يكون فيها الإنسان على راحته فلا داعي للتكلف، والذي يحدث أن كثيرا من المسافرات مع أسرهن للسياحة يحملن معهن كل خزائن الزينة من ذهب ومجوهرات ..مما يعرضهن للسرقة أو نسيانها، والسياحة ليست حفلات تتطلب من الرجل أن يكون في كامل أناقته والمرأة في كامل زينتها، وإنما الأناقة البسيطة المحترمة التي تساعد على الحركة والتنقل دون أن يفقد مظهره اللائق . الإجازة عموماً هي طلب السعادة، والأجمل أن يحققها الإنسان، ولكن بعض الدراسات النفسية لها رأي أبعد من ذلك وهو أن السعادة لابد وأن تكون مستدامة، تتجدد وتستمر مع الذي يعرف كيف يتحصل على السعادة ويعيشها وينشر أجواؤها، وهي ليست بالضرورة الفرح والمرح فقط وإنما في عمل نافع أو هواية أو المشاركة في برامج التطوع خاصة الشباب في عطلتهم . عموما الإجازة باختصار فرصة ل لتواصل الاجتماعي بشكل آخر، بل حلاوتها وقيمتها في المشاركة الاجتماعية، فلا إجازة مع العزلة وإلا يمنح الإنسان نفسه إجازة من الحياة السوية، فالحياة مهما كان فيها من منغصات لا تحلو إلا بالناس وبالآخرين وخاصة الأجواء الأسرية التي يسري فيها الدفء والحب والحنان ..وإذا كنا نتحرر من روتين العمل أو الدراسة لشهور طويلة، فلابد أن وأن يعرف الواحد منا كيف يسعد حياته ويسعد الآخرين . ومع كل ما سبق فإن البداية الصحيحة للسعادة هي في تقوى الله تعالى وإخلاص العبادات وإدراك حق الله ثم حق النفس والبدن بغير لهو ودون إسراف، فالإجازة والسفر والسياحة لا تكون متعتها بقدر ما ننفق ونشتري ونستهلك، وإنما بقدر الترويح واكتساب الخبرات وتجديد الحيوية النفسية والبدنية، والسبيل إلى السعادة بكمن في معرفتنا بأسبابها حتى لو كان في تحقيق حلم بسيط، والأهم راحة البال التي تمنحنا نوماً لا يكدره قلق أو توتر أو ضغينة ..أتمنى لكم إجازة سعيدة . ** نقطة نظام : قال حكيم " السعادة حلم يحلم بتحقيقه كل إنسان " sh 98 khalid@gmail .com