في آخر تصريح لرئيس الوزراء العراقي أعلن أن العراق يستعد للاحتفال بالنصر الكبير على عصابات داعش، التي احتلت نصف مساحة العراق قبل عامين. هذا التصريح في الواقع يثير عدة تساؤلات إذا ما تم ربطه بتصريحات سابقة حول معركة الموصل، أهمها هل يستطيع العبادي القضاء على داعش فعلا؟ وهل يعول الشعب العراقي وأهل الموصل، خاصة على مثل هذه التصريحات والأهم من ذلك، لماذا يطلق العبادي مثل هذه التصريح وفي هذا الوقت بالذات؟ بدءا لا بد من الإشارة إلى أن مبادئ الحرب تؤكد أنه لا يمكن لأي قائد عسكري أن يضع خطة قتال يحدد فيها بالضبط المدة الزمنية التي يستطيع من خلالها إنجاز هذا الهدف أو ذاك ولم نسمع في تاريخ الحروب أن قائدا سياسيا أو عسكريا قال إنه سينهي هذه الحرب في شهر أو سنة. من ناحية أخرى أن العبادي تحديدا، صرح في أكثر من مناسبة أن عام 2016 سيكون نهاية لداعش في العراق ونحن اليوم في الشهر الخامس من عام 2017 ولم تزل المعركة قائمة في الجانب الأيمن من الموصل، ويبدو أن حسم المعركة يحتاج إلى جهد عسكري أكبر بالرغم من أن الجهد الامريكي فيها زاد بما يعادل الخمسة أضعاف منذ الشروع في المعركة. وعلى صعيد العمليات العسكرية يبدو المشهد غامضا في الوقت الحاضر، فالقوات العراقية المسنودة أمريكيا تحاصر المدينة القديمة التي تقدر مساحتها بأربعة كيلومترات مربعة شديدة التعقيد؛ لأنها مكونة من أزقة وشوارع ضيقة لا تزيد على بضعة أمتار، والعمل العسكري فيها شديد التعقيد ويتطلب قوات خاصة أو قوة عسكرية بمعنويات عالية لا تتوافر لا في القوات العراقية ولا بالقوات المساندة لها، وبالتالي فإن الخبراء في الشأن العسكري يستبعدون فكرة الحسم السريع، خصوصا أن موجات متفرقة من عصابات داعش لا تزال تعمل في مناطق الحويجة شرق بيجي وصحراء الأنبار ومناطق هيت وعانة وغيرها من المدن والقصبات العراقية. تصريحات العبادي إذن ليست أكثر من مناورة؛ الهدف منها تطمين الرأي العام العراقي، وتحسين صورة العملية السياسية التي يعترض عليها اليوم أكثر العراقيين، والترويج لنفسه استعدادا للانتخابات البرلمانية القادمة. * كاتب وصحفي عراقي مقيم في لندن