صاح الجد في حفيده: سعيد يا سعيد. أجاب «هاه يا جد». ردّ عليه «هووا بك في بير ما لها قاع. قل نعم يا الدجعة»، نعم، اغد البقالة وجب لنا حبتين (دمركي)، أبشر ذلحينه. انطلق مسرعا، فتح البائع الثلاجة، قال «ما فيه إلا مقاس 1400 جرام، قال سعيد «هذا المطلوب» حملها في كيس وانطلق بها إلى منزل جده. وضعتهما سيدة البيت في حلة، وصبّت عليهما ماء باردا ليفك الثلج، قامت إلى خريطة الطحين، وسمّت بالرحمن وغرفت بكفها، واحد ولا واحد إلا الله، اثنين، وقفت عند سبعة، وأعادت التسمية، ربطت خريطتها، وانتقلت إلى قرب الباب للاستفادة مما بقي من ضوء النهار، حملت معها طاسة الطحين، وإبريق الماء، وقعادة صغيرة تمكنها من الارتفاع عن الأرض قليلا لتعجن براحتها، صبت بعض الماء، وأغلقت قبضتها وبدأت تقلب العجين وتدهكه بكفها، حتى ظنت أنها استوت، فغطت عليها بصحن وتركتها تنتسم. تولت أمر فك قراطيس الدجاج، وإخراج ما في بطنه، ثم أشعلت حطبها، وركّبت قدرا يستوعب الكثير من الماء، وضعت الدجاج كما هو، وقطعت عليه نقسا من البصل، وبعض أعواد القرفة وجذور الزنجبيل، ثم انصرفت لتؤدي صلاة المغرب. اقتربت طاسة العجين وصحنا وبدأت تطرح الدغابيس، سأل سعيد بتودد: الله يسعدك يا جدة كم بتسوين دغبوس، أجابت: تسعة بعددنا، قال: دخيلك سوي لي دغبوس كما حق جدي بالكُبر، قالت: أبشر بسعدك، فتحت القدر، وبدأت تطرح دغابيسها، وعين الحفيد منها. أقسم سعيد ما يحمل الصحن إلى عند السُّدة إلا هو، وتغافل الجميع مستغلا انعدام الإضاءة فأسقط دغبوسا في طاسة المرقة الساخنة دون أن ينتبه له أحد، اجتمعت العائلة على عشاها، صحن مستدير تتوسطه غضارة مرق، ومن حوله الدغابيس. صرخ سعيد وين دغبوسي. أقسمت الجدة أنها تسعة وبدأت تعد الدغابيس، فإذا هي ثمانية، قال الجد: كل معي يا حبابي، كانوا يتخفسون ويرشفون المرق بفناجيل القهوة، عندما انتصفت الغضارة أخرج سعيد دغبوسه، مسكت خالته يده، قالت: آكل معك يا السراق وإلا أعلم؟ قال: كُلي كلك السرف، علمي وسلامتكم.