يُشكّل تمكين المرأة بالعالم العربي قضيةً محوريةً في بناء مجتمعاتٍ متوازنةٍ وعادلة. فطالما عانت المرأة من التمييز والتهميش، مما حصرها في أدوارٍ تقليديةٍ وأبعدها عن إمكاناتها الكاملة... وفي ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة التي يشهدها العالم، برزت الحاجة الملحة لتمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، ولكن، يُلاحظ في هذا السياق ظاهرةٌ مُقلقةٌ!! ظاهرة يتحاشى الكثير الحديث عنها أو الإشارة إليها، ولكن كوني واحدة من النساء أجد نفسي مضطرة للكتابة عنها دفاعاً عن نساء مهنيات واعيات مجتهدات أقابلهن بأنحاء العالم... ما رأيكم باستغلال بعض النساء لأنوثتهن كوسيلةٍ لتحقيق مكاسب، مقابلَ نساءٍ أخرياتٍ يسعينَ بجدٍ للبناءِ على مهاراتهن وقدراتهن، بعيداً عن أي استغلال؟ إن التمييز بين هاتين الفئتين أمر بالغ الأهمية ونحن في مرحلة البناء بالرغم من قلة الفئة الاولى... فمن جهة، توجد نساءٌ يستخدمنَ أنوثتهن كأداةٍ للتسلقِ الاجتماعي أو الاقتصادي.. وعلى الرغم من أن حرية المرأة في استخدام جسدها وصورها أمرٌ لا يقبل الجدل من ناحية الحقوق الدولية، إلا أن استخدام الأنوثة بهذه الطريقة يُمكن أن يُضعفَ حركةَ التمكينِ النسائيةَ بإعادةِ إنتاجِ صورٍ نمطيةٍ عن المرأةِ كائنٍ مُجردِ جاذبية، وبالتالي إبعادِ التركيزِ عن إنجازاتِها ومواهبها الحقيقية. ومن جهةٍ أخرى، توجد نساءٌ كُثر يسعينَ بجدٍّ لتحقيقِ أهدافهنِ وإثباتِ قدراتهن، مُستخدِماتٍ معارفِهنَ وخبرتهنَ لبناءِ مساراتٍ مهنيةٍ ناجحةٍ وبعضن أكثر جمالاً ونضجاً.. هنّ النساءُ اللواتي يُثْرينَ مجالاتِهنَ بإبداعِهنّ وخبرتهنّ، يُشاركنَ في اتخاذِ القرارات، ويُساهِمْنَ في تطويرِ مجتمعات ناضجة وواعية ومتزنة.. هؤلاء النساءُ هنّ النموذجُ الحقيقيُّ للتّمكينِ النسائي، الذي يتخطى الأدوارِ التقليديةَ ليُركزَ على المهاراتِ والقدراتِ الفردية. لذا، يُعدُّ التفريقُ بينَ هاتينِ الفئتينِ أمراً ضرورياً لتحقيقِ التمكينِ النسائي الحقيقي. فإهمالُ هذا التفريقِ قد يُؤدّي إلى تشويهِ صورةِ المرأةِ المهنيّة، والإيحاءِ بأنّ النجاحَ يعتمدُ على الجَاذبيةِ بدلاً عنِ الكفاءةِ والمثابرة. وهذا يُشكلُ عائقاً كبيراً لتمكينِ المرأة، لأنهُ يُحوّلُ التركيزَ عنِ الجوانبِ المهمةِ في تمكينها، كالتعليمِ والفرصِ المتساويةِ والمُساواةِ في الأجر. الاحتفالِ بإنجازاتِ المرأةِ المهنيّةِ ذاتِ المحتوى، وتشجيعِ المزيدِ منَ النساءِ على السعيِ نحوِ التّمكينِ من خلالِ التعليمِ والتدريبِ، وتوفيرِ الفرصِ المُتساويةِ، ومحاربة من يتسلقن السلالم الخلفية عبر أنظمة صارمة بالمظهر تركز على حدود يجب فرضها من الاحترام تليق بمجتمعات واعية ومتحضرة، مجتمعات محترمة تحمي المرأة من المرأة...فالعدسات اللاصقة والرموش والأظافر الطويلة بألوان صارخة والملابس الملتصقة على الجسم أمر غير مهني ولا يعكس أي تقدم حتمي أو تحضّر، ولن يأتي ذكر يشتكي من جراءة وأنوثة طاغية.