369546@ أشار الناقد الدكتور موسى العبيدان إلى أن «المكان» مهم في التعامل مع النصوص السردية ومن أدق ما عرفه النقد الأدبي الحديث من المفاهيم وهو مكون الفضاء الذي يحوي الوجود كله؛ إذ وجود الإنسان في الفضاء المكاني والزماني هو بدء الحياة العقلية وبدء تشكيل ذاكرته وتاريخه وهما ليس الوجود فحسب بل يحملان دلالات تكشف صورة الواقع وفلسفة المبدع ورؤيته للكون. لافتا إلى أن الرواية هي نص مكاني بامتياز؛ إذ حيثما نولي نظرنا في الفن الروائي يطالعنا أثر المكان حتى لا نكاد نقتنع بأنه لا سبيل إلى الاستغناء عن دراسته إن شئنا الإحاطة بالرواية إحاطة جيدة والمكان يتشكل في نسيجها وينتظم مع عناصرها التي لا تتحرك إلا في فضائه وهو مدخل إستراتيجي لقراءة النصوص والوقوف عند دلالاتها العميقة في مستوى الانزياحات التي تقود إلى الكشف عن شعريتها. وأكد العبيدان أهمية المكان في الدراسات الحديثة المتعلقة بالسرديات لتزيد الوعي بقيمته باعتباره عنصرا فاعلا في الأحداث وليس مجرد إطار فهو يحيط بنا بوجوده ونحيط به بوعينا فحياتنا مرتبطة بأمكنة مختلفة وهي أساسا أمكنة مرجعية تاريخية ولكنها بعد تجاوز تاريخيتها تصبح أمكنة نفسية وشعرية لها جمالياتها ورموزها ودلالاتها يصنعها المبدع ويصوغها بخياله من معين اللغة عالم يخلقه الإنسان للإنسان وبقدر ما تكشف الرواية عن جوهرها بقدر ما تكشف عن عنصري المكان والزمان فهي تبني معمارها عليهما وتستمد منهما معانيها ودلالاتها وبين الفضاء والإنسان جدلية قوية عبر ملايين الأجيال والحياة بكل عناصرها ومكوناتها هي الأمكنة والأزمنة والإنسان هو أساس الحركة في إطار هذين العنصرين والفعل الروائي هو فعل زمكاني ويحتفي صاحبه بإعادة إنتاج الأحداث من قبل راو لا يمكنه فصلها عن هذين المعطيين المؤسسين للفضاء الروائي.