أشاد الدكتور عبدالمحسن القحطاني بانطلاقة النشاط الثقافي، إلى حراك أوسع وأشمل في عدد من مناطق بلادنا، مشيدا بما أصبح يجسده النشاط الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) من تطور كبير، وحضور فاعل ومشاهد تترجمه مختلف فعالياته وموضوعاته. أما الدكتور نضال صالح، فقد أشار إلى عدم اتفاقه مع العنوان الذي عطف الجمع على المفرد، موضحا بأنه من التعسف الحديث بالمعنى الدقيق عن رواية (سعودية) بمعنى الكلمة، عبر ما وصفه بالتصنيف الجائر.. مستهلاً حديثه عن نص بدرية البشر (هند والعسكر) ورواية الزميل عبدالعزيز الصقعبي (حالة كذب) عملين يتفقان في صدورهما في فترة تمثل العقد الأول من الألفية الثالثة. واستعرض د.صالح ما يختزله نص البشر كنموذج لنص سردي نسوي، وما يمثله من حكايات ثانوية يستنطق المسكوت عنه، التي تتجاوز محيط الراوية إلى العمار الروائي لدى الساردة، عبر بنية روائية لا تمتلك نحو كاف من البنية الجمالية بين وحدات الرواية السردية، إلى جانب عدم استثمار تقنيات خارج البنية الدلالية للنص.. مستعرضا الفضاء الذي تتحرك فيه الأحداث الذي لا ينعكس بشكل جوهري على العمق الروائي مما يجعل المحكي عند البشر يتساوى فيه برج المملكة في الرياض وبرج آخر في دبي. وأضاف المحاضر، بأن (حالة كذب) تكاد تكون مغايرة على نحو ما مع أدوات الكتابة القصصية عند الصقعبي، إلى جانب ما تطرحه من تساؤلات يبحث عنها القارئ أمام بحثه عن حالة الكذب في الرواية..معرجا على ما قدمه المؤلف من تقنية تتجاوز في عنوان الرواية ونصها المعنى المعجمي والمفهوم البسيط لحالة الكذب، عندما ذهب بحالة الكذب إلى ما هو أبعد مما كان يتصوره القارئ، مشيرا أن الشكل حامل بامتياز للدلالة الكلية للرواية التي أشار المتحدث إلى أن الرواية العربية لا تمتلكها فيما قرأه من نصوص روائية عربية، رغم ما يعد به مستقبل الرواية العربية بوجه عام. أما الدكتور شعيب حليفي، فقد تحدث عن جانبي الخصوصية وعلاقتها بالمرجعية الفنية السردية، والتخييل الروائي عند الكاتب، عبر ما وصفه باستراتيجية الكتابة السعودية، التي تصف بدورها التخييل وأساليبه لدى السارد السعودي وما تكشفه من دلالات خفية، وما تمثله من علاقات دلالية، وشخصيات تستثمر أصواتها، إضافة إلى البعد الرمزي، إلى جانب توظيف الفضاءات المتضادة عبر ما تكتنزه النصوص من تأويل، وبناء درامي عبر زمانية مادية وأخرى ذهنية سعيا إلى التكثيف الروائي تارة، واللغة التشكيلية تارة أخرى، إضافة إلى استراتيجية الكاتب وما تشتمله من اختزالات وكثافة ولغة تصور بحبكتها الرئيسة تجربة روائية صاغت الكثير من الأسئلة التي تنحى إلى السؤال عن الخيال ونقد المجتمع الخيالي بأسلوب رمزي (زمكاني) وذلك من خلال رواية (سوق الحميدية) لسلطان القحطاني، ورواية (صبرى) لسعيد شهاب، ورواية (سقف الكفاية) لمحمد حسن علوان. أما الناقد محمد العباس فقد استعرض الرواية السعودية من منظور (الإقامة في جسد الآخر) بوصفه تقاطعاً التقى فيه عدد من الروايات السعودية، التي شكلت بمجملها تعاملا مع الذات بين (الذكورية/ الأنثوية) عبر اتجاه عكسي بين الجسد وجنس الذات المتناقضة مع جسد آخر تتناقض معه في جسد من جحيم نواته وكيانه التناقض في حالة تنعكس نفسيا وجسديا، استغله الساردون في منطلقات أساسية متفقة، وفضاءات مختلفة، عطفا على جسد ذكوري وذات أنثوية والعكس من ذلك.. وما صاحب هذا التضاد من تحولات على مستوى اللغة ومرجعياتها، إلى جانب الافصاح عن الوعي الأنثوي، والخطاب الذي يتماهى بين السجن والقفص.. مستشهدا برواية (خاتم) لرجاء عالم، و(قنص) لعواض العصيمي. بينما اعتبر الدكتور حسن النعمي، بأن (شخصية المرأة بين تكوين الصورة ونمطيتها) خيط رفيع يكشف عن الكثير من المقاربات من خلال استدعاء صورة المرأة في جملة من الروايات التي أورد منها النعمي (ثمن الشكولاته) لبشاير محمد، و(الحفائر تتنفس) للتعزي. وقال النعمي: هناك توظيف لإشكاليات متعددة تصور معاناة المرأة في المجتمع الذكوري، وما يصاحب ذلك من انكفاء لدى المرأة، وانحياز ضد الرجل في ثمن الشكولاته، التي قدمتها الكاتبة صوت داخلي، وفرضيات تأنيب الضمير.. واصفاً قراءته ل(رقيم) لإبراهيم الوافي، ما تمثله الأحداث فيها، من خلق جو أسطوري، يحاول أن يستنطق عبقرية البطل منذ ولادته.. إلى جانب ما حوته السرد من تناص لم يبعد كثيرا عن شعرية الكاتب.. مشيرا إلى ما تمثله الحفائر من محاولات لم تصب جوهر الحدث، إلى ما تعكسه من إشكالات المرأة وذاتها التي عمد المؤلف إلى أن يقدم صورة مهشمة للمرأة إلى جانب الروايتين السابقتين، الأمر الذي جعلها روايات منحازة للرجل، وتقدم نصوصا يظل القارئ معها يفتش في علاقات ربما لا يصل معها إلى إجابات مقنعة. أما ياسين النصير فقد استهل حديثه من منظور (الهيمنة الفضائية المكانية) كنوع للخطاب، إلى جانب ماهية الظلال التي طرحها الرواة مكانياً عبر هيمنة المدينة على مكونات الأمكنة حولها، عبر مشترك واحد هو (العزلة) في ثماني روايات سعودية استعرضها، والتي جاء منها(ترمي بشرر) لعبده خال، و(جاهلية) لليلى الجهني و(بنات الرياض) لرجاء الصانع. مبارك ربيع ومضى النصير قائلا: حديثي هنا لما قرأته من روايات سعودية، يمكنني حصره في أربعة مسارات، الأول منها: أن هناك تحولاً في الخطاب السردي الروائي مثله الشباب السعودي عبر ثقافته المعاصرة ومحاولات الكتابة من خلالها، أما الثاني فهو: أن الكتاب نحوا إلى التعبير عن حياتهم المعاصرة للأدب والفكر الذي حاول استثمار المعاش والمقروء الآخر، وثالث المحاور: اتخاذ الأدب والسرد خاصة، طريقة موازية للتعبير عن الأفكار الحديثة التي يحياها السارد، عطفا على الانفتاح الثقافي، أما المحور الأخير فخاص باستيعاب مقصود ثقافة الصحراء والبادية على وجه التحديد، وتوظيفه عبر المدينة وحياتها العصرية. من جانب آخر أوضح الدكتور عمر عيلان، بأن الحديث عن الرواية السعودية من خلال (الوصف في الرواية السعودية: بحث في الجماليات) يتخذ في رأيه مسارين الأول نظري، والآخر تطبيقي، مشيرا إلى أن السرد يجب أن يعيش بلغته في قلب المشهد والصورة، استنادا إلى أسئلة النص التي تصف الشكل وتكشف المعنى، لإتاحة قراءة بانورامية.. مستعرضا الراوي وعلاقته بالنص، من خلال ما يظهره السارد وما يخفيه عن القارئ.. وصولا إلى مكونات النص وشعريته أمام الفضاء الإنساني.. وصولا إلى قيمة الجماليات في عدد من النصوص السردية التي استعرضها المحاضر، إلى جانب توظيف قيم الأشياء وما تحدثه من قيم فراغية مستشهدا بروايات: جروح الذاكرة لتركي الحمد، ومدن الدخان لأحمد الدويحي، وعيون الثعالب لليلى الأحيدب. واختتم عيلان حديثه قائلا: فيما قدمت من قراءات لنماذج سردية سعودية، وجدت سيمياء اللون غائبا، إلى جانب عدم وجود الصورة الوصفية المصاحبة للفعل، إضافة إلى غياب البحث المنهجي لما تذكره النصوص، التي وقفت عند مجرد ذكر الأشياء. جاء ذلك خلال الندوة التي أقيمت ليلة البارحة بعنوان (الرواية السعودية.. قراءة ومقاربات) التي قدمها الدكتور سلطان القحطاني، وأداراها الدكتور عبدالمحسن القحطاني، بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق الانتركونتيننتال بالرياض، وذلك ضمن النشاط الثقافي والفكري للمهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) حسن النعمي في دورته اليوبيلية الفضية، التي أعقبها جلسة ثانية، قدم فيها عبدالواحد الأنصاري ورقة نيابة عن الروائي إبراهيم الناصر الحميدان، في شهادتة على تجربته الرواية خلال ما يقرب من نصف قرن، وما صاحبها من نتاج سردي بين القصصي والروائي، على جانب ما واكب أساليب النشر وقنواته خلال مسيرة الحميدان السردية، عبر العديد من صحافة الأفراد والمؤسسات فيما بعد عبر خمسة عشر مؤلفا بين الرواية والقصة. بعد ذلك تحدث القاص خالد اليوسف عن (المكان بوصفه خطابا) قائلا: للمكان في تجربتي عشقا خاصا، مما جعلني أعيد التفكير والتأمل في المكان مرات ومرات فيما أكتب، مشيرا إلى تأثره بما قدمه الدارسون عن المكان في السرد، بوصف المكان إطارا وجوهرا، وصورة واقعية وخياليا وأبعادا متميزة في الوقت ذاته..معرجا على عدد من النصوص السردية المفتونة بلغة المكان. من جانب آخر أوضح الدكتور سحمي الهاجري، بأن هناك طفرة اجتماعية في العالم العربي والمشهد السعودي ألقى بظلاله على السرد الروائي وتنوعه، عبر ما مرت به الرواية في مشهدنا المحلي، وما مثلته مجموعة من النصوص السردية التي استعرضها الهاجري، وما جسدته من نمو واكب في تقنياته بما يمتلك السارد من أدوات يسعى جاهدا إلى اللحاق بالحراك الاجتماعي. أما الروائي عبده خال فأشار إلى أن السارد لابد أن يكون دكتاتوريا، حتى يسيطر على شخوصه، مهما طاردته شخوص رواياته التي ستخل بعمله وتقنياته ياسين النصير السردية متى ما سيطرت عليه بتضارباتها وتداخلاتها مع بعضها.. مؤكدا على أن الدكتاتورية هي الوسيلة الكبرى لتنظيم حركة الشخوص وسلكها في أحدث النص كما يريده الراوي لا كما تبحث عنه شخوصه.. متسائلاً عن إمكانية تواصل الكاتب مع شخوصه بعد أن يكتب روايته ويطبعها للقراء. وأضاف عبده جملة من الأسئلة قائلاً: هل هناك ظلم يلقاه شخص ما في رواية من قبل السارد؟ وما حجم ذلك الظلم الذي تلقاه تلك الشخصيات؟ وما مدى ما تتعرض إليه شخصيات الرواة من أعباء وأحمال تجعلها إلى شخصيات ناقمة على الروائي.. من جانب آخر وصف الدكتور مبارك ربيع، المجتمع الروائي في السرد المحلي بأنه جاء في عدد من النصوص الروائية، يتخذ من الرمزية مسارا يسعى إلى التخلص من السلطة المجتمعية وفي مقدمتها سلطة القبيلة، وذلك من خلال هامش التحرك لدى السارد الذي يحاول أن يتخذ من تقنيته أسلوبا يحاول أن يقدم ما يرضي طموحه تجاه سلطة المجتمع تارة، وسلطة النص تارة أخرى..الذي أعقبه ورقة للناقد عبدالباسط بدر، استعرض فيها جملة من القضايا الاجتماعية التي تناولها عدد من الروايات السعودية التي أورد منها قضية السائق، وقيادة المرأة للسيارة، إلى جانب تصعيد عدد من القضايا الاجتماعية المحلية التي تمثلت في علاقات الجنس بين المرأة وشخوص وافدين تارة، وعبر صداقاتها تارة أخرى. عمر عيلان تلاه شهادة ليوسف المحيميد استعرض فيها تجربته الروائية من خلال ما كتب وما سيقوم بكتابته، عبر العديد من الأسئلة التي تتجه إلى النص السابق مرة، وإلى الراوي الجديد مرة أخرى، الأمر الذي يجعله يتساءل أمام صورته في المرآة، أمام تجربة سردية يحاول فيها ألا يكون نصه القادم صدى لنص سابق. أما الدكتور سعيد يقطين، فقد استعرض ثلاثة نصوص سردية وصفها بالتقارب الذي قد ينعس على تشابهات أخر في نصوص روائية أخر، من رؤيته إلى البناء الروائي في التجربة السعودية في أربعة نماذج محلية، عبر التلاقي الذي يخفي في بنائه الخطي المتشابه تفاصيل تحيل إلى عدد من وحداتها إلى خصوصيات تميز كاتب عن آخر.. راصداً ومتتبعا نمو الشخصيات فيما طرقه المحاضر من نماذج، عبر البناء البسيط من جانب، والآخر المركب من جانب آخر. محمد العباس المتحدثون الرئيسيون في الندوة