يمثل الخطاب الملكي الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين في مجلس الشورى في مستهل السنة الأولى من دورته السابعة، مؤشر خير إلى ما ستكون عليه الميزانية العامة للدولة التي ستعلن هذه الأيام. فقد كان الملك سلمان واضحاً بإشاراته المتكررة إلى أن السعودية استطاعت أن تتجاوز «عنق الزجاجة»، الناجم عن مضاعفات الأزمة المالية العالمية، وانحدار أسعار النفط. وتضمن الخطاب الملكي تنبيهاً مهماً إلى أن إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، من خلال رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، قد تكون مؤلمة مرحلياً، لكنها إجراءات لا بد منها للعبور إلى ضفة السلامة الاقتصادية، والاطمئنان على المستقبل. وهو تنبيه سبق أن ذهب إليه ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز. ويكتسب خطاب الملك سلمان أمام مجلس الشورى أهمية أخرى من حيث تأكيده على أن هناك تقدماً ملموساً في المداخيل غير النفطية. وهو ما يعني التمسك بالرؤية الرامية إلى عدم الاعتماد على إدمان الدخل النفطي، وبناء اقتصاد البلاد على الإمكانات والثروات غير النفطية، ولعل أبرزها رأس المال البشري، الذي يتعين أن يكيف ظروفه بما يتيح له النجاح في الالتحاق بسوق العمل التي لا بد أنها ستتخذ شكلاً جديداً في ظل إعادة الهيكلة. غير أن ما يلمسه المتابع يشير إلى أن أداء بعض الوزارات، لا يزال دون المأمول، وهذا ربما يتضاءل مع بدء تطبيق مؤشرات الأداء الرئيسية KPI التي تم الإعلان عنها ضمن رؤية 2030 والبرامج المرتبطة بها. وكلها أمور مهمة لتحقيق الشفافية المطلوبة، ومراقبة الأداء الحكومي، وضمان تحجيم البيروقراطية التي تسببت مراراً وتكراراً في إعاقة الاستثمارات والإصلاحات وخطط إعادة الهيكلة. ومهما يكن، فإن كلمات خادم الحرمين الشريفين في «الشورى» تبعث الطمأنينة في النفوس على ميزانية متضائلة العجز، ومنضبطة النفقات. والأمل كبير ولا تحده حدود في عودة قريبة إلى عهد تحقيق الفوائض، والانطلاق في مسيرة تنمية لا تعرف توقفاً من أجلنا، ومن أجل الأجيال التي ستحمل الراية في العقود القادمة بتحقيق موازنة متوازنة في عام 2020. الأكيد أن موازنة هذا العام، التي ستعلن غداً، ستحظى بشفافية أكبر وعجز أقل وهذا ما قد يجعلنا نتفاءل بتجاوز «عنق الزجاجة»!.