رغم أن ما يحدث هو إعادة هيكلة كاملة، تتضح من خلال رؤية الملك -يحفظه الله- التي عرضها بوضوح في خطابه لمجلس الشورى، تبعها الإعلان عن «الرؤية السعودية 2030» تبعها الإعلان عن «برنامج التحول الوطني»، إلا أن الإفصاح عن التطورات لم يرتق حتى الآن لما يحدث، وليس أدل على النقص في البيانات والمعلومات ذات الصلة بتطورات الشأن الاقتصادي، هو الاحتفاء بأي بيانات ومعلومات وتقارير تصدر سواء من مؤسسات مصرفية محلية، أو تقارير صندوق النقد الدولي، أو البنوك العالمية، أو حتى ما تتناقله الصحف. ولا حرج في ذلك، فالحكمة ضالة المؤمن. الحرج هو أن القنوات الرسمية لا تواكب الحدث، ويبدو أنها قررت مبكراً «خصخصة» تلك المهمة! فمثلاً، تقرير جدوى للاستثمار هو الذي تناول الحديث عن «التضخم»، فيما نشر البنك الأهلي التجاري مسحاً لمؤشر تفاؤل الأعمال للربع الثاني من عام 2016 بين فيه عودة مؤشر التفاؤل المركب لقطاع النفط والغاز السعودي إلى النطاق الموجب، مسجلاً 3 نقاط، مقارنة مع 12 نقطة سالبة للربع الأول من عام 2016، وعرض تقرير لمجموعة سامبا المالية تناول تنبؤات عن الوضع الاقتصادي في المملكة خلال الفترة 2016-2020، بما في ذلك أسعار البترول، والعجز في الميزانية، والانفاق الحكومي، وضريبة القيمة المضافة، والخصخصة. نحن أمام منعطف تاريخي، فيه تحولات مهمة وتغييرات مفصلية، تحتاج أن يواكبها برنامج «توعوي» يشرح ويُبين ويَعرض الأهداف والأدوات، ويتناول دورياً ما تحقق من نتائج، بوتيرة إن لم تكن شهرية فكل ربع سنة، على أبعد تقدير. فكما تابعنا جميعاً المؤتمرات الصحفية والمقابلات التي عقدها الوزراء لعرض مبادراتهم التي تضمنها برنامج التحول الوطني، فلعل من الملائم أن يكون هناك إيجاز شهري أو فصلي -على أبعد تقدير- يَعرض المتحدث الرسمي المعني المستجدات على الأرض، أي ما الذي «أُنجز»، لاسيما أن الأمر أصبح أكثر تقنيناً وفي المتناول من خلال العدد الكبير لمؤشرات الأداء (KPIs)، ذات الصلة، وأن مجلس الوزراء الموقر قد أسس المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة، منذ نحو سنتين (أكتوبر 2014)، بناءً على توصيةٍ من مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية، وله شخصية اعتبارية مستقلة مالياً وإدارياً، ويرتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء، ويُعدّ المرجع الرسمي لقياس أداء الأجهزة الحكومية، وبالفعل فقد عقد المركز الاجتماع الأول لمجلس إدارته في ديسمبر 2015. ولا جدال من أن للمؤسسات المالية والمهنية دوراً مهماً في تناول جوانب من تطورات المشهد الاقتصادي في البلاد، لكن ستتناول أجزاء وجوانب، تبعاً لاهتمامات تلك المؤسسات. في حين أن الافصاح المقنن الشامل يأتي من جهة رسمية مختصة ومخولة بأن تجمع وتعرض وتفسر البيانات إجمالاً، ومؤشرات الأداء ودلالاتها، بما يعزز ثقة المهتمين سواء مواطنين أو مقيمين أم مستثمرين أو متطلعين للاستثمار أو ممن يتعاملون مع اقتصادنا تجارياً بصورة أو بأخرى. ولعلنا ندرك جميعاً، أن الاعلان «الرؤية السعودية 2030» في 25 أبريل 2016 كان أشبه ما يكون بصافرة الانطلاق، وعلينا أن نسابق الوقت لنحقق النتائج المتوخاة، فعقارب الساعة تدور دون كلل وتحت كل الظروف ولا تنتظر أحداً ولا يعيقها عائق. وكما في أي سباق، فلابد من رصد النتائج وإعلانها بما في ذلك المعوقات والمستجدات، فمثلاً عندما أعلن برنامج التحول الوطني قيل إن عدد مبادراته خاضع للزيادة، لكن حتى الآن لم يُعلن عن أية مبادرات إضافية، ولم يعلن ما المبادرات التي بدئ العمل بها وتلك التي لم تنطلق بعد، ولم تعلن النتائج الأولية، على الرغم من أن عُمر البرنامج 18 رُبعاً فقط لاغير، وملائم أن يصدر التقرير الفصلي الأول بمناسبة انقضاء أول ربع على اعلان برنامج التحول الوطني، ولتستمر البنوك في اصدار تقاريرها أو لا تستمر فذلك شأنها، ما يهمنا أن نأخذ المعلومة من «فَم الأسد».