أكد خبراء اقتصاديون أن موازنة هذا العام، هي موازنة الشفافية والانضباط، إذ شهدت توافقاً وانسجاماً بين الرؤية ونتائج الموازنة، وانخفاضاً في العجز بما يزيد على 30 في المئة، وارتفاعاً في الإيرادات غير النفطية، مبينين أنها جاءت لتتناسب مع رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الاقتصادي 2020، من خلال زيادة المداخيل غير النفطية، وإعادة هيكلة الوزارات، وإعادة الترشيد في عملية الإنفاق. وأشاروا إلى أنه في حال استمر الوضع خلال السنوات الخمس المقبلة في خفض العجز وترشيد الإنفاق، فإن ذلك سيؤدي إلى تحسين معدلات النمو وتحسين الأداء الاقتصادي للدولة، ما سيسهم في عملية تحقيق فائض في الموازنة خلال السنوات الأربعة المقبلة. وتعليقاً على الموازنة، قال الخبير المصرفي فضل البوعينين: «إن هذه الموازنة تعتبر موازنة الشفافية والانضباطية، لما أحيط بها من شفافية قبل وبعد إعلانها، إذ إن الانضباط المالي حاضر في الإنفاق، وهذا ما يحدث للمرة الأولى، بما يتوافق مع الموازنة المتوقعة بداية العام، إضافة إلى أنها متوافقة مع (الرؤية)، التي تؤكد ارتفاع الإيرادات غير النفطية، لتعويض الانخفاض في الإيرادات النفطية». وأشار إلى أن وزارة المالية تبذل جهداً كبيراً في العمل على تحقيق التوازن المالي للوصول إلى التحول الاقتصادي 2020، ليؤكد قدرتها على التحكم بالإنفاق بشكل عام، إضافة إلى أن برنامج التوازن المالي 2020، الذي يرتبط برفع كفاءة الإنفاق، نجح في توفير نحو 99 بليون ريال، موضحاً أن هناك تركيزاً حكومياً على الإنفاق العام، لتعزيز دور القطاع الخاص، ما يزيد من فرصة النمو في العام المقبل، إذ ستعمل الحكومة على معالجة ما تبقى من مشكلات في القطاع الخاص، من خلال دفع المستحقات المتبقية خلال الربع الأول من العام المقبل. ولفت إلى أن متوسطي ومنخفضي الدخل، والذين سيعانون من مشكلة ارتفاع أسعار الوقود والخدمات الأخرى، سيجدون الاهتمام الكبير من الحكومة، وسيتم توجيه الدعم لهم، وتعويضهم عن ذلك الارتفاع، إضافة إلى أن الحكومة أوجدت برامج تحفيزية للقطاع الخاص، الذي سيتأثر من رفع الدعم عن الطاقة، وكذلك تم توضيح جميع المتغيرات التي ستحدث خلال السنوات الأربع المقبلة. من جهته، قال الخبير الاقتصادي حسام جخلب: «إن أبرز ما جاء في الموازنة من ملامح، هو وجود خفض واضح بنسبة تصل إلى ما يزيد على 30 في المئة، ووصول العجز إلى نحو 198 بليون ريال عن العام الماضي، وهذا الأمر إيجابي، إذ إن هناك ارتفاعاً في حجم الإيرادات بنسبة ستة في المئة، ووجود نوع من عملية الاستمرار على الإنفاق خلال المرحلة المقبلة بصورة إيجابية». وأشار إلى أنه وبالتزامن مع إعلان الموازنة اتضحت مفاهيم ومعايير اقتصادية عدة مرتبطة بالتحول الوطني 2020، إذ تعمل المملكة على أجندة اقتصادية، تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد، من خلال إعلان الموازنة، وذلك بانخفاض العجز، الذي يؤكد على ذلك إيجاباً، فيما يخص إعادة الهيكلة الاقتصادية، من خلال دمج الوزارات، وكبح بعض المكافآت، التي كانت موجودة في الرواتب والحوافز، وهذا كله يهدف إلى رسم رؤية اقتصادية تعيد هيكلة الاقتصاد بصورة إيجابية. ولفت إلى أن هذه الموازنة تشير إلى بداية المسار الصحيح، من خلال ارتفاع حجم الإيرادات وانخفاض حجم الإنفاق، وزيادة المداخيل غير النفطية، وإعادة هيكلة الوزارات، وإعادة الترشيد في عملية الإنفاق، وجميعها تسهم في عملية إعادة الترشيد لعملية الإنفاق للدولة بما يتناسب مع الرؤية الاقتصادية للدولة. وأكد أن مستويات الإنفاق إيجابية، إذ إن مستويات العجز انخفضت بنسبة 30 في المئة، ويعد هذا بداية للمسار الصحيح، إذ إن مؤشرات التضخم في المملكة هابطة إلى مستويات ما بين 2.65 أو 2.70، مشيراً إلى أن هذه مستويات متدنية، وبذلك إذا استمر الوضع خلال السنوات المقبلة بخفض العجز وترشيد الإنفاق فإن ذلك سيؤدي إلى تحسين معدلات النمو وتحسين الأداء الاقتصادي للدولة، والدخول بعد أربع سنوات في عملية تحقيق فائض في الموازنة، مبيناً أن أسعار النفط سترتفع بداية 2017، بالتزامن مع خفض العجز في الموازنة، التي ستؤثر إيجاباً في هيكلة الإصلاح الاقتصادي، وبذلك فإن قدرة الاقتصاد على خفض العجز أعلى من تقديرات صندوق النقد الدولي، ومؤسسة النقد. ولفت إلى أن «الرؤية» ستعمل على تغيير بعض المفاهيم والمعايير في ما يخص الركود الاقتصادي، الذي كان موجود سابقاً، وأن ارتفاع أسعار النفط فوق ال50 دولاراً للبرميل، سيسهم إيجاباً في تنشيط الحركة التجارية ودرجة الأعمال داخل الدولة مع بداية الربع الأول والربع الثاني من العام المقبل، ما يعني رفع مستوى الإنتاجية في الأعمال وزيادة حجم الصادرات النفطية وغير النفطية، وخصوصاً أن هناك نوعاً من السيولة، التي ستنفق في عدد من المشاريع والتوسعات. وذكر أنه خلال المرحلة المقبلة ستتم متابعة أسعار التضخم، ما سيؤدى إلى تحسين خفض أسعار التضخم، وتحسين معدلات النمو، لمواكبة زيادة الإيرادات وترشيد عملية الإنفاق بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الاقتصادي، إذ يعد ارتفاع الصادرات غير النفطية بنحو 200 بليون مؤشراً حقيقياً على تنويع مصادر الدخل، ما سيؤدي إلى تحريك دائرة الاقتصاد وعدم الاعتماد على النفط باعتباره مصدراً وحيداً للدخل.