قالت روسيا يوم السبت إنها مستعدة لإجراء محادثات مع الولاياتالمتحدة بشأن انسحاب كل مقاتلي المعارضة السورية من شرق حلب حيث يحقق الجيش السوري -بدعم روسي- مع حلفائه تقدما مطردا يهدد بتوجيه ضربة ساحقة للمعارضة المسلحة. وفي فترة تزيد قليلا عن أسبوع استعاد الجيش وفصائل مسلحة متحالفة معه مناطق واسعة من الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة مسلحي المعارضة في شرق حلب في حملة شرسة قد لا تترك لهؤلاء المسلحين أي خيار آخر إلا البحث من خلال التفاوض عن ممر آمن للخروج من المدينة. ومع بقاء عشرات الآلاف من المدنيين في الجيب الخاضع للمعارضة والذي يتقلص باطراد قال مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا إن شرق حلب قد يسقط في يد الحكومة بنهاية العام وأعرب عن أمله في التوصل إلى "صيغة ما" لتجنب "معركة رهيبة". وردا على الاقتراح الروسي قال مسؤول في جماعة معارضة في حلب إن قادة المعارضة بالمدينة تعهدوا بمواصلة القتال. وأضاف إنهم يؤيدون فتح ممرات للمدنيين لمغادرة المدينة لكنهم لن يسلموها. ويضع تقدم القوات الحكومية في حلب الرئيس بشار الأسد على مشارف أكبر نصر له حتى الآن في الحرب التي بدأت باحتجاجات على حكمه في 2011. وضيق الجيش السوري -مدعوما بقوة جوية روسية ووحدات مسلحة شيعية من إيران والعراق ولبنان- الخناق تدريجيا على شرق حلب هذا العام وطوق الأجزاء الشرقية من المدينة قبل أن يشن هجوما كبيرا في سبتمبر أيلول. وتشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أن ما يربو على 30 ألف شخص نزحوا في القتال الأخير توجه 18 ألفا منهم إلى مناطق خاضعة للحكومة بينما ذهب 8500 إلى حي الشيخ مقصود الذي يسيطر عليه الأكراد. وانخفضت إمدادات الغذاء والوقود إلى مستويات حرجة في شرق حلب وتعرضت المستشفيات لقصف متكرر أخرجها من الخدمة. وقتل المئات في القصف. * تطبيع الحياة وقال دي ميستورا إن أكثر من مئة ألف شخص ربما مازالوا يعيشون في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن العدد قد يصل إلى 200 ألف. وقالت روسيا التي قامت بدوري حاسم في سوريا منذ تدخل سلاحها الجوي في الحرب قبل 15 شهرا إن انسحاب جميع مقاتلي المعارضة سيؤدي إلى "تطبيع الحياة" في شرق حلب. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف "نحن مستعدون لإرسال خبراء عسكريين ودبلوماسيين إلى جنيف على الفور من أجل الاتفاق على تحركات مشتركة مع الزملاء الأمريكيين لضمان انسحاب كل المقاتلين المعارضين دون استثناء من شرق حلب." ولم يصدر تعقيب فوري من الولاياتالمتحدة التي تدعم بعض جماعات المعارضة التي تقاتل الأسد ومنها الجيش السوري الحر الذي يقاتل في حلب. ويقول مسلحو المعارضة -الذي يتفوق عليهم كثيرا الجيش السوري وسلاح الجو الروسي ووحدات مسلحة تشمل حزب الله اللبناني المتمرس على القتال- إن الحكومات الأجنبية بما فيها الولاياتالمتحدة تركتهم يواجهون مصيرهم. ومع عدم وجود خيارات جيدة يجري مقاتلو المعارضة محادثات مع مسؤولين روس قالوا إنها أسفرت عن اتفاقات تشمل رحيل المقاتلين الإسلاميين من حلب. والهدف هو التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار يتيح لمسلحي الجيش السوري الحر البقاء في المدينة. لكن زكريا ملاحفجي رئيس المكتب السياسي لتجمع فإستقم الذي مقره حلب قال متحدثا من تركيا إن تصريحات لافروف ألغت كل شيء وإن اجتماعات تركيا وصلت إلى طريق مسدود. وقال ملاحفجي إن القادة العسكريين في حلب قالوا "نحن ما نترك المدينة". وأضاف أنهم قالوا إنه ليست هناك مشكلة مع "ممرات إنسانية لخروج المدنيين… بس نحن ما نترك مدينتنا." وأقرت روسيا باتصالها بالمعارضة لكنها لم تقدم تفاصيل بشأن المحادثات التي استضافتها تركيا. وتعهد الجيش السوري باستعادة المدينة بأكملها من مسلحي المعارضة. وقال العميد سمير سليمان رئيس فرع الإعلام في الإدارة السياسية التابعة لوزارة الدفاع السورية متحدثا للصحفيين في حلب إن الجهود الروسية تجري بالتنسيق مع القيادة السورية. وأضاف قائلا "نحن نفسح المجال أمام كل مسار أو حل سياسي يوقف إراقة الدماء .. يوقف القتل .. يوقف التدمير". وقال سليمان إن الجيش استعاد نحو نصف المنطقة الخاضعة لسيطرة مسلحي المعارضة. وأصدرت قيادة الجيش بيانا يدعو المواطنين للعودة إلى منازلهم في مناطق شمال شرق حلب التي استعادها من قبضة مسلحي المعارضة. وقال البيان إن هذه المناطق يعاد تأهيلها لتكون صالحة للسكن. * أعمدة دخان وقال المرصد ومصدر عسكري سوري إن القوات الحكومية عززت مكاسبها وسيطرت على حي طارق الباب. وقالت المعارضة إن المقاتلين صدوا هذا الهجوم. وقال مسؤول بالمعارضة إن اشتباكات عنيفة جارية في منطقة عزيزة مع سعي المسلحين لصد هجوم آخر. وقال شاهد لرويترز في غرب حلب الخاضع لسيطرة الحكومة إنه شاهد سبعة أعمدة دخان على الأقل تتصاعد من مناطق تسيطر عليها المعارضة صباح السبت وكان بالامكان سماع أصوات طائرات تحلق في المنطقة. وقال المرصد إن ثلاثة أشخاص على الأقل قتلوا في غارة جوية على حي الشعار في شرق حلب. وقالت خدمة الدفاع المدني في شرق حلب إن تجمعا لنازحين تعرض لهجوم وقدرت عدد القتلى بأكثر من ستة. وينفي الجيش استهداف المدنيين. وقال المرصد إن المعارضين أسقطوا أيضا طائرة حربية سورية فوق حلب وقتلوا طيارين على متنها. ولم يتسن لرويترز الحصول على تعليق من الجيش السوري على التقرير. وفي تصريح خلال مؤتمر في روما أشار دي ميستورا إلى إمكانية سقوط حلب بنهاية العام وقال "حلب لن تصمد هكذا طويلا." وأضاف قائلا "أشعر أنها ستكون معركة رهيبة تنتهي بحلول احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة. أتمنى ألا تقع المعركة وأن تكون هناك صيغة ما." وفي إشارة إلى المحادثات بين مسؤولين روس وآخرين من مقاتلي المعارضة قال دي ميستورا "إنها محادثات غير رسمية" قللت مستوى القتال في شرق حلب وهي تعليقات رفضها مسؤولون بالمعارضة ووصفوها بأنها منفصلة عن الواقع. وتوصلت الحكومة إلى اتفاقات محلية عديدة مع مسلحي المعارضة في مناطق محاصرة منحتهم بموجبها خروجا آمنا إلى محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب البلاد. ويعتقد بعض المحللين أن مسلحي المعارضة في حلب قد يضطرون في نهاية المطاف إلى قبول مثل هذا الاتفاق. وقالت فيدريكا موجيريني مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي يوم السبت إنها مقتنعة بأن سقوط المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة من حلب في يد الحكومة لن ينهي الحرب في سوريا وإنه سيحدث تصعيد عسكري في مناطق آخرى. وأضافت في مؤتمر في روما عن الحرب شارك فيه دي ميستورا "أنا مقتنعة بأن سقوط حلب لن ينهي الحرب".