وجه الرئيس المصري الجديد، محمد مرسي، أول خطاب له بعد إعلان فوزه، شجع فيه على المصالحة، مؤكداً أنه "رئيس لكل المصريين،" وملتزما بالاتفاقيات الدولية، ومشيدا بالقوات المسلحة والشرطة والقضاة وضحايا الثورة، التي قال إنها مستمرة حتى تحقيق أهدافها، وشدد على أنه "لا طاعة" له على الناس إن أخل بوعوده. وتوجه مرسي، في الخطاب الذي حرص على إلقائه عبر التلفزيون الوطني، إلى "شعب مصر العظيم،" قائلاً: "أيها الفرحون المحتفلون بعيد الديمقراطية في مصر، أيها الواقفون في الميادين، في ميدان التحرير وكل ميادين مصر، يا من تنظرون إلى المستقبل وتريدون لمصر الخير والنهضة والتنمية والاستقرار والأمن والأمان." وأضاف: "أتوجه إليكم بحمد الله على بلوغنا هذه اللحظة التاريخية التي تشكل ملمحاً مضيئاً، مسطرة بيد المصريين وإرادتهم ودمهم ودموعهم وتضحياتهم، هذه اللحظة التي نسطرها جميعها.. ما كنت لأقف أمامكم كأول رئيس منتخب بإرادة المصريين الحرة بعد ثورة 25 يناير لولا توفيق الله وتضحيات الدماء الزكية." وأشاد مرسي بتضحيات "شهداء الثورة وأسرهم" وجدد لهم العهد على "أن الدماء الزكية لن تضيع هدراً،" ووجه التحية إلى "جيش مصر وقواتها المسلحة"، وأكد أنه يحب أبنائها "حبا لا يعلمه إلا الله"، مؤكداً الحرص على تقوية القوات المسلحة والحفاظ عليها، في لفتة منه إلى المؤسسة التي يدير كبار ضباطها حالياً الأوضاع في مصر. وتابع مرسي بتوجيه التحية لرجال الشرطة قائلاً: "قد يعتقد بعضهم (عناصر الشرطة) أني أحمل لهم تقديراً أقل من سواهم، وهذا غير صحيح، من يرتكب الجرائم يعاقب بالقانون، أما رجال الشرطة الشرفاء، وهم الأغلبية، فلهم علي حق التحية الواجبة،" في محاولة منه للحد من التكهنات حول توتر قد ينشب بينه وبين أجهزة الأمن بسبب اعتقاله لأكثر من مرة على خلفية مركزه القيادي بجماعة الإخوان المسلمين. وأشاد مرسي أيضاً بالقضاة، قبل أن يعود ليتوجه إلى المصريين بالقول: "أقول للجميع في هذا اليوم إنني باختياركم وإرادتكم رئيس لكل المصريين أينما وجدوا بالداخل والخارج،" ليعمد بعد ذلك إلى تعداد أسماء المناطق المصرية والمهن المختلفة وأتباع الديانات المتنوعة. وأكد الرئيس المصري الجديد على أن "ثورة 25 يناير مستمرة حتى تحقق كل أهدافها،" غير أنه دعا بالمقابل إلى "توحيد الصفوف وجمع الكلمة، حتى يجني هذا الشعب ثمار تضحياته في العيش بحرية وبكرامة،" مضيفا: "الشعب هو مصدر السلطات عانى التهميش والفقر والظلم والقهر، وجاءت اللحظة التي يسترد فيها إرادته وحريته ويجد فيها العيش الكريم دون مشقة، ويجد فيها عدالة." وأورد مرسي في خطابه العديد من الآيات القرآنية للاستدلال بها، واسترجع بعض العبارات التي رددها الصحابي أبوبكر الصديق، أول الخلفاء بعد النبي محمد، في خطبته الأولى فقال "وليت عليكم ولست بخيركم.. أعينوني ما خدمتكم وراعيت الله فيكم إن لم أنفذ ما تعهدت به فلا طاعة لي عليكم.،" قبل أن يضيف: "سأبذل كل جهدي للوفاء بالالتزامات والتعهدات التي قطعتها على نفسي، مصر للمصريين جميعا، كلنا متساوون بالحقوق وعلينا واجبات، أما عن نفسي فليس لي حقوق، ولكن علي واجبات." ورفض مرسي سياسة "التخوين" بين المصريين، وأكد امتلاكه لمشروع تنمية حقيقية "بسواعد كل المصريين،" وأضاف: "المصريون مسلمين ومسيحيين دعاة حضارة وبناء، كنا وسنبقى كذلك، وسنواجه معاً الفتن والمؤامرات التي تستهدف وحدتنا الوطنية، إنني عازم معكم وبكم على بناء مصر الديمقراطية، وسيكون كل وقتي للعمل من أجل بناء هذا المشروع الكبير." وشدد مرسي على احترام حقوق العمل والعمل للحفاظ على أمن مصر القومي بأبعاده العربية والأفريقية والدولية، كما أعاد تأكيد التعهد ب"الحفاظ على المعاهدات والاتفاقيات والالتزامات الدولية"، وأشار إلى عزمه التأسيس لعلاقات متوازنة مع كل دول العالم تقوم على المصالح المشتركة والمنافع بين الأطراف المتساوية. وفي موقف لافت منه، قال مرسي: "لن نسمح لأنفسنا بالتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة، كما لن نسمح لأحد بالتدخل في شؤوننا ليعلم الجميع أن قرار مصر من داخلها وبإرادة أبنائها، بدعوتنا للسلام مع العالم فإن مصر مع ذلك قادرة بجيشها وشعبها وتاريخها قادرة على أن تدافع عن نفسها وأن تمنع أي عدوان أو تفكير بعدوان عليها." وختم مرسي خطابه الأول للمصريين، والذي خرج فيه عن النص المكتوب عدة مرات، بالقول: "لن أخون الله فيكم ولن أعصيه في وطني، أضع نصب عيني قول الله، تعالى 'واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.'"