لا شك أن شهر رمضان أضحى موسماً أساسيا للمسؤلين عن الفضائيات العربية لصناعة الدراما وإنتاج البرامج من خلال إنتاج المسلسلات وبرامج المسابقات وغيرها لعرضها في هذا الشهر الكريم ، حيث أصبح رمضان بالنسبة لهم موسماً ربحياً لجلب أكبر عدد من المعلنين على حساب روحانية الشهر الكريم الذي هو أسمى من أفعالهم وأعمالهم وكل مايخططون له لتنفيذه في هذا الشهر الكريم ، وكم هو مؤسف ما تردده كثيراً من قنواتنا العربية من شعارات تدعوا المشاهدين للتشويق والمتابعة في شهر رمضان ، حيث نلحظ شعار تلفزيون الشرق الأوسط mbc يبداء في بث (البرايمر) الإعلان الترويجي للبرامج والمسلسلات قبل أكثر من شهر عن رمضان وينهي كل إعلان ترويجي بشعار (رمضان يجمعنا) في حين اعتمدت قناة "روتانا خليجية" شعار "جاك ماتمني تهنى.. والحاضر يعلم الغائب"، المبني على أسلوب التشويق من أجل شد الانتباه ولفت الأنظار إلى ما ينتظر المشاهد على هذه القناة خلال الشهر الكريم ، أما تلفزيون الحياة المصري فقد أختار شعار "اسأل مجرب من رمضان اللي فات ، رمضان يقربنا" وغيرها من الشعارات للتلفزيونات والفضائيات العربية التي تستغل هذا الشهر بعكس ماكان يفترض أن يكون ، من خلال التقليل من المسلسلات أو إلغاءها وتكثيف برامج المسابقات الدينية والتنويع في المحاضرات الإسلامية التي تشجع المشاهد للإكثار من الخيرات في شهر البركات وأعتقد أن سبب ذلك كله ينحصر في : 1) الطمع المادي من خلال تشجيع المعلن بتلك المسلسلات التي يقوم ببطولتها نجوم الدراما لجلب أكبر عدد من المعلنين . 2) استغلال الذروة الجماهيرية في المتابعة من المشاهدين بإنتاج برامج المسابقات التي تعتمد الاتصال بأرقام (700) ورسائل sms . 3) التوجه الديني الغير معلن من بعض المسولين عن التخطيط في تلك الفضائيات من غير المسلمين وذلك بشغل المسلم عن استثمار شهر الطاعة بالمعصية وإفساد صيامه وقيامه ، وإقناع صاحب القناة بأهمية الإنتاج من خلال إغراءه بالربح المادي الكبير . 4) التقليد الأعمى من بعض القنوات بإنتاج المسلسلات والبرامج لمحاولة المنافسة وكسب أكبر عدد من المشاهدين . ولاشك أن تلك القنوات لم تراعي روحانية الشهر الفضيل بذلك التوجه المؤسف والمخزي ، حيث كان يفترض أن يقوموا في هذا الشهر بتوجيه المسلم لأمور دينه وإعانته على التزود بالخيرات في شهر البركات بإنتاج المحاضرات الإسلامية وتكثيف برامج المسابقات الدينية والتقليل من المسلسلات الدرامية ، بدلاً من بث التبرج والسفور ، وطرح قضايا الزواج والطلاق وسفاسف الأمور ، من حب وغرام وماهو منهي عنه وحرام . فحسبنا الله ونعم الوكيل إليه المشتكى وبه المستعان . وكم نخشى أنه مع مرور السنيين إذا أستمر الحال على ماهو عليه أن تُفتقد روحانية رمضان الخير ، بسبب هذه القنوات التي لم تراعي روحانية شهر العبادة وهو شهر في السنة ، فليتهم يقلعون فيه عن مانهى الله ورسوله ولا يشغلون الناس بما يُقدمون من مسلسلات وبرامج مسابقات يدخل معظمها تحت مضلة القمار العلني من خلال غبن المشاهد بالمشاركة عن طريق أرقام (700) و ال sms باهظة التكاليف . فجيل اليوم إذا تربى على هذا الوضع الذي اعتدناه في كل موسم من حشد للمسلسلات والبرامج ، والشعارات المغرضة في القنوات الفضائية التي تشجع الأبناء لتحري الشهر الفضيل لمتابعة المسلسلات وبرامج المسابقات بدلاً من العبادات والطاعات ، لاشك ثم لاشك أننا سنفقد روحانية رمضان الخير ، رمضان العبادة ، رمضان الطاعة ، ويبقى في الأذهان رمضان السهر ، رمضان المتابعة للمسلسلات والبرامج والمسابقات ، عبر القنوات والفضائيات ، وحينها هيهات أن نشعر بروحانية رمضان هيهات ، هيهات . بقلم/ د . خضر اللحياني ممثل القناة الثقافية بمكة معد ومقدم البرامج بالقناة مستشار إعلامي لجمعية المسرحيين السعوديين بمكة عضو اللجنة الإعلامية بنادي مكة الثقافي الأدبي