يرى الكثيرون أن الدراما تفسد روحانية شهر رمضان بل إنها تغير مسار الحياة فيه من تقاليد للعبادة إلى انقياد خلف جهاز الريموت والالتهاء عن العبادات. ويؤل الشباب توجههم إلى القنوات الفضائية لقلة أماكن الترفيه؛ فلا مفر من الجلوس أمام الشاشة الفضية ومتابعة ما يدور في قنواتها تقول نسرين الشريف: «لا شيء يروح عن النفس سوى مشاهدة التلفاز». وتضيف الشاشة أصبحت العنصر الوحيد القادر على جمع الأسر على طاولة واحدة، لكن في أوقات معينة، فحين يتوجب الاتجاه نحو العبادة، أترك (الريموت) لاستثمار ساعات شهر الصوم، فلا داعي لإضاعة الوقت في مشاهدة المسلسلات التلفزيونية؛ لأنهاستعاد بعد رمضان. من جهتها، أكدت مها اليامي حرصها على متابعة الدراما الرمضانية في شهر رمضان؛ لأن متابعتها -على حد تعبيرها- في غير رمضان تفقدها الكثير من رونقها، تقول اليامي: «أنتظر الدراما الرمضانية بفارغ الصبر، فجميع الوجوه لا يمكن متابعتها دفعة واحدة في غير رمضان». ويوافقها الرأي سلطان بصراوي، حيث تؤكد أن القنوات الفضائية تتفنن في عرض الأفضل وتدخل في سباق محموم لتقديم المميز وهذا في نهاية المطاف في صالح المشاهد. وأردفت سنان هناك مسلسلات ارتبطت برمضان، ولا يمكن مشاهدتها في غيره، وعن تأثير الدراما على روحانية الشهر تقول: «فترة النهار عادة تكون مخصصة لإعادة ما يعرض في المساء فيمكن للشخص حضور الصلوات في المساجد ومشاهدة ما فاته في النهار دون تأثير على العبادات وروحانية الشهر». من جهتها، أكدت الاختصاصية الاجتماعية حنان بسحم أن للإعلام دورا كبيرا في تقديم أفكار وسلوكيات وقيم لها تأثير على المجتمع، وتثبت النظرية الاجتماعية النفسية أن سلوكيات الأفراد ليست فقط مجرد أفعال في المواقف، بل ناتجة لقدرتهم على إدراك المعاني في تفسير المواقف. وألمحت أنه من المفترض أن يركز الإعلام في رمضان على تبليغ الدين وتصحيح المفاهيم وإثراء المعرفة، لا على أثاره وهدم الأخلاقيات. وتضيف «يتوجب على الأسرة تزويد الشباب بالثقافة الاجتماعية وتأهيل الشخص للنضوج الاجتماعي». ورأى أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور حزاب الريس، أن ظاهرة المشاهدة التلفزيونية تحكمها عوامل عدة من أهمها وقت الفراغ ومدى الاستعداد لقضاء الوقت في مشاهدة التلفزيون، لا سيما أن رمضان هو الشهر الذي تجتمع فيه العائلة لمشاهدة التلفاز، ولهذه المشاهدة ثمن فالإنتاج التلفزيوني يتنافس بحدة لاستقطاب المشاهد من أجل الحصول على قيم إعلانية عالية، لهذا نجد أن الإنتاج الدرامي أصبح ظاهرة طاغية في محطات التلفزيونات العربية، بهدف جذب المشاهد. وأكد الدكتور حزاب أنه في السوق الفضائي المفتوحة يبقى المشاهد سيد الموقف؛ لأن كثرة المشاهدة تعني جلب المعلن، الذي من خلال هذه المبالغ ينفق على الدراما وإنتاجها، وهذه إشكالية تمثل تداخل الاقتصاد مع التقنية والقيم الاجتماعية، لكن يبقى المهم أن تقدم تلك القنوات دراما راقية ذات مضامين مفيدة، وتحمل رسالة ذات قيم إسلامية وأخلاقية عالية؛ سواء من التراث أو المشاكل المعاصرة.