يثير 125 عملا دراميا خلال شهر رمضان لهذا العام عدة علامات استفهامية حول الغرض من بث هذا الكم من المسلسلات خلال شهر واحد لا يتعدى ثلاثين يوما، فقد تفوق كمية الأعمال الدرامية في شهر رمضان لكل عام ما يعرض خلال العام كله، وهذا الأمر يدعو إلى تفنيد هذه الإشكالية لفك الرموز الغامضة حولها، فهل تهدف القنوات المحلية والفضائية إلى استقطاب المشاهد في شهر رمضان؟، أم أنها تسعى أيضا إلى استدراج المعلنين للوصول إلى الربح أولا وأخيرا، فبدلا من أن نطلق على رمضان شهر الرحمة والغفران، أصبحنا نناديه شهر الدراما والإعلان؟. صفقة خاسرة رئيس قسم المسرح في جمعية الثقافة والفنون علي دعبوش يعتبر أن الإعلانات في رمضان ما هي إلا صفقة خاسرة، لأن المشاهد لا بد أن يكون ذهنه صافيا حتى ينجذب للإعلانات، ويتجاوب معها، وهو أمر يستحيل مع هذا الكم الكبير من الدراما التي تعتبر قتلا للنفس البشرية، ما أدى إلى تشتت ذهن المشاهد، فحتى عند الفاصل الإعلاني نجد أنه يتنقل عبر المحطات الفضائية لمحاولة متابعة شيء جديد مما جعل جميع الأعمال خلال شهر رمضان بلا قيمة، لأنها جميعا تبث في وقت واحد تقريبا. عملية توازن أما الإعلامية مها عقيل فترى أنه من المفترض أن يكون العمل الفني مقدما في قالب يجذب انتباه المشاهد، لكن ذلك لا يمنع من أن يكون هناك بعض «الأبازير» التي من الممكن أن تضيف نكهة للعمل الدرامي، وتجعله أكثر تشويقا، وعموما فهي عملية توازن متكاملة بين تقديم عمل لاستقطاب شريحة كبيرة من المشاهدين وجذب أكبر قدر من المعلنين في الوقت نفسه. تكثيف العمل المنتج ومتعهد إعلانات سعدي شوبكي يقول في هذا الإطار: إن أي منتج وأي قناة لا بد من أن تكثف عملها في شهر رمضان بسبب تهافت الممولين، ولأن مردود العمل أصلا يكون أقوى في هذا الشهر الفضيل، لذلك نرى أن جميع شركات الدعاية والإعلان تنتظر هذا الموسم طيلة العام لكي تحصد المزيد من الأرباح. ويضيف: كما إن هذا الموضوع يسري على جميع القطاعات وعلى المجالات كافة، فالإقبال على التسوق يزيد في رمضان، إضافة إلى أن ربات البيوت يقمن بتغيير أثاث المنازل وتغيير ألوان الدهانات فكل شيء في رمضان يشهد انتعاشا ورواجا عن باقي شهور السنة. وحول استقطاب القنوات للمشاهدين يقول: من الطبيعي أن تتنافس الفضائيات في رمضان لتقديم أكبر جرعة درامية على الشاشة بغرض استقطاب أكبر قدر من المشاهدين، لأن نسبة المشاهدة تشهد قفزة كبيرة في هذا الشهر الذي يعد موسم الربح للكثيرين. أما بالنسبة للقنوات المحلية وخصوصا التلفزيون السعودي فإنه حسب شوبكي يعطي تعميدا قبل رمضان بعدة أشهر وذلك حتى ينتج أيضا أعمالا جديدة من مسلسلات وبرامج مسابقات وبرامج دينية وغير ذلك، وهو الأمر الذي يجعل جميع القنوات محلية وفضائية تتنافس لتقديم أكبر كم من المسلسلات في رمضان، فنجد كثافة درامية تفوق حاجة المشاهد بكثير، أما بالنسبة لاحتكار بعض القنوات لمسلسلات معينة دون غيرها، فإن ذلك من قبيل الترويج بسهولة لأن القناة تضع ميزانية معينة وترغب في أن يكون العرض حصريا. التنافس الإعلاني من جانب آخر، يوضح شوبكي أن أسعار الإعلانات ترتفع في رمضان لتصل إلى ذروتها من حيث الأسعار فيحسب الإعلان بالثانية وليس بالدقيقة، ولا بد من حجز الإعلان قبل رمضان بفترة طويلة، لأنه كل ما اقترب المعلن من شهر رمضان كلما زادت تكلفة الإعلان، ويختلف سعر الإعلان بحسب موقع عرضه على الشاشة، فمن الطبيعي أن تكون الإعلانات داخل المسلسل أغلى من الإعلانات التي تعرض بين مسلسل وآخر، كما إن الأسعار تختلف بحسب إقبال المشاهدين على مسلسل دون غيره؛ فالإعلان الواحد داخل مسلسل «طاش ما طاش» يعتبر أغلى بكثير من عدة إعلانات في مسلسلات أخرى، ويليه مسلسل «بيني وبينك» و«باب الحارة»، فهذه المسلسلات الثلاثة تعتبر على رأس القائمة. وفي السياق نفسه، فإن البرامج في رمضان سواء أكانت دينية أو مسابقات تكون أسعارها أقل بكثير من المسلسلات، كما إن نسبة الاتصالات تعوض قيمة الإعلان فعندما تكون رسالة sms واحدة في أحد برامج المسابقات تصل إلى سبعة ريالات، فإن التكلفة تصل تقريبا إلى 70 في المائة للقناة و30 في المائة للاتصالات، لذا فإن كثافة الاتصالات لا بد أن تعوض الجوانب الأخرى للتكلفة فتعتبر دخلا للبرنامج.