رحم الله أخي الحبيب ( الشيخ /عبده بن علي الحربي ) الذي كرّس فينا مفهوم تلك المقولة التي يتمثل بها دائماً عندما يصطدم ببعض المواقف كرهاً أو طوعاً، عمداً أو مصادفةً، لأنه لا يهتمّ إلاّ بكرامتِهِ التي يحيطها بسياجٍ من الأنَفَةِ والإباءِ، وعزّة النفس، بعيداً عن الابتذال والعتاب. لستُ أدري لماذا تذكرتُ تلك العبارة التي وضعتها عنواناً للمقالة، عندما وقفت في صالة فندق مداريم بالرياض، وخصوصاً عندما رأيت بعض ضيوف معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام 2019 ، فقد تعودت على رؤية تلك الوجوه في المواسم السابقة ما يؤكد لي أنه في السنوات الماضية لا توجد في كشوف الضيوف إلا تلك الأسماء المكررة الذين تتم دعوتهم كلّ عام ، وكأنه لا يوجد في البلد إلا هؤلاء. تذكرت فترة الدكتور عبدالعزيز السبيل التي انتعشت فيها الثقافة ، وبرزت فيها الأندية الأدبية ببرامجها الثرية وملتقياتها المتنوعة التي كادت تحقق لنا هوية ثقافية كانت كفيلة بوضع ثقافتنا في الصفوف الأولى عربيا ، ولكن الوارثين للمكان بعد انتقاله دمروا كل جماليات البدايات التي أسس لها في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية، وجاء بعده للأسف الشديد مجموعة من وزارة الإعلام متسلقين على كتف الثقافة ليديروا الوكالة بأسلوبهم العقيم الذي اعتمد على التدجين، و(شيلني وشيلك). كنا قد كتبنا للإدارة المشرفة على المعرض بأن عليهم تحمل صراحتنا والتجاوز عن تجاوزاتنا إذا انتقدنا توزيعهم لرقاع الدعوات التي توزع في كل موسم على أصحابهم وأصدقائهم ومعارفهم،ولم يجتهدوا يوما لفعل ثقافي متميز يترفع بهم عن الواقع المؤلم الذي يعيشه المعرض الدولي للكتاب وضيوفه وزواره من الأدباء الحقيقين والمثقفين والكتاب الذين يأتون على حسابهم الخاص حبًّا في الكتاب ، وهم الذين أفنوا عمرهم في الكتابة وإثراء المشهد الثقافي بالمشاركة والتأليف ودعموا المكتبة العربية بصناعة الكتاب،. وللأسف لم تتكرم عليهم إدارة المعرض-غير الموقرة - بدعوة ترد لهم بعض حقوقهم التي أخذها من لا يستحق، بسبب رعونة إدارة الثقافة وعدم اهتمامها بعمل قاعدة بيانات لأدباء ومثقفي المملكة وتوزيع حصص الدعوات بالتساوي بينهم لإنصاف أنفسهم أولاً ، وعاشراً للخروج من مأزق الحرج الذي يتقمصهم عندما يقابلون أحد الأسماء الكبيرة التي لم تنل حظّاً في دعوة ثقافية لزيارة المعرض أو للمشاركة في فعالياته وما أكثر الجديرين بذلك، ناهيك عن المشاركة في اللجان التنفيذية التي أصبحت حكراً على أسماء بعينها في جدة أو الرياض. أكتب مقالتي ولديّ يقين بأن ما نكتبه لن يؤثر في عقليات المشرفين على معرض الكتاب السنوي ، المسترزقين من إدارته والمفيدين لصاحباتهم وأصحابهم دون اعتبار لحق الدولة في ضيافة أدبائها ومثقفيها، ومتيقنٌ أيضا أن الوضع يزداد سوءاً كلما استمر هؤلاء المرتزقة على كراسيهم لإدارة الثقافة مالم تتحرك الوزارة الوليدة وتنتزع منهم هذه الصلاحيات لتمارس عملها المرتقب في رعاية الثقافة والمثقفين كما ينبغي لتحقيق الرؤية الثقافية المعلن عنها في الرؤية الوطنية 2030- والله من وراء القصد