تفيد التقارير الواردة إلينا من مراسلي بي بي سي في العاصمة الأوكرانية كييف بأن المتظاهرين المعارضين يسيطرون على جميع مداخل القصر الرئاسي الذي بدا خاليا وبلا حراسة. وما زال الآلاف من المتظاهرين المعارضين يعتصمون في ميدان الاستقلال وسط العاصمة رغم الاعلان عن اتفاق بين الرئيس فيكتور يانوكوفيتش والمعارضة من شأنه انهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد. وبموجب الاتفاق الجديد، سيصار الى تشكيل حكومة وحدة وطنية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة اواخر هذا العام. كما ينص الاتفاق، الذي توسط في التوصل اليه وزراء خارجية اوروبيون، على اجراء اصلاحات في نظام الانتخابات وتعديلات في الدستور. ولكن العديد من المحتجين الذين ما زالوا معتصمين في ميدان الاستقلال في كييف استقبلوا نبأ التوصل الى اتفاق بالشكوك قائلين إنهم لا يثقون بالرئيس يانوكوفيتش. وهتفت مجاميع من المحتجين المعتصمين في كييف ضد زعماء المعارضة الذين وقعوا على الاتفاق ووصفتهم بالخونة، حسبما قال مراسل بي بي سي في كييف غافين هيويت. في غضون ذلك، هددت احدى الجماعات اليمينية المتطرفة بأنها ستتصرف ما لم يستقيل الرئيس يانوكوفيتش في موعد اقصاه صباح السبت. أوليكسي صولوبينخو – محلل الشؤون الأوكرانية، بي بي سي المهمة الأولى التي تنتظر الحكومة الأوكرانية الجديدة، التي سترى النور خلال اسبوع او اسبوعين، هي اعادة السلم والاستقرار لبلد يقف على شفير الحرب الاهلية. واضافة الى التغييرات السياسية التي ينبغي على الحكومة القيام بها، عليها ايضا ان تقوم باصلاحات في جهاز الشرطة وتفكك آلية القمع السائدة حاليا. وينبغي عليها ان تستبدل المحققين والقضاة الفاسدين. ثم هناك موضوع الاقتصاد. فقيمة العملة الأوكرانية (الهريفنيا) قد تدهورت الى حد كبير، وثمة تقارير تتحدث عن شح في المروقات والخبز وحتى السيولة النقدية. وحذرت وكالات التصنيف الائتماني الدولية من احتمال تخلف أوكرانيا عن سداد ديونها. لا يمكن لأوكرانيا ان تستمر دون مساعدة، ولكن انى تأتي هذه المساعدة؟ وعدت روسيا بتقديم قرض قيمته 15 مليار دولار، ولكنها كانت تنوي تسليم هذا المبلغ على شكل دفعات. اما الآن وقد تيقن الاتحاد الاوروبي الى اهمية أوكرانيا فالسؤال هو ما اذا كان سيقدم من جانبه مليارات الدولارات لانقاذ دولة واحدة – دولة قد تصبح فيما بعد من اعضاء الاتحاد، ولكن ليس في المستقبل المنظور. وكان البرلمان الأوكراني قد صوت لمصلحة قانون يقلص الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية. كما صدق البرلمان على تشريعات جديدة قد تؤدي الى اطلاق سراح رئيسة الحكومة السابقة يوليا تيموشينكو من سجنها. وجاء الاتفاق بين الرئيس يانوكوفيتش وزعماء المعارضة عقب مفاوضات استمرت ساعات عدة – علاوة على مظاهرات واحتجاجات دامت اسابيع عدة في شوارع العاصمة كييف وغيرها من مدن أوكرانيا. وكان العشرات من المتظاهرين قد قتلوا على ايدي الشرطة يوم الثلاثاء الماضي. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان حل الازمة يجب ان يتم بدون ضغوط خارجية وبإحترام السيادة الاوكرانية. أما منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون فقد ناقشت الاتفاق مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف واتفقا على مواصلة الاتصالات والعمل على تسوية الوضع في أوكرانيا. من جهة أخرى، قالت وزارة الصحة الأوكرانية ان سبعة وسبعين شخصا قتلوا وجرح خمسمئة وسبعة وسبعين آخرين في أعمال العنف الدائرة منذ يوم الثلاثاء الماضي. نص الاتفاق اعادة العمل بدستور 2004 في غضون 48 ساعة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية خلال عشرة ايام. العمل فورا على ادخال اصلاحات دستورية من شأنها موازنة صلاحيات رئيس الجمهورية والبرلمان والحكومة، على ان تكون هذه الاصلاحات جاهزة قبل حلول شهر سبتمبر / ايلول المقبل. اجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد اعتماد دستور جديد على ان لا تتأخر عن ديسمبر / كانون الاول 2014، كما سيصار الى اصدار قانون جديد للانتخابات. اجراء تحقيق في اعمال العنف التي شهدتها البلاد مؤخرا تحت اشراف مشترك من قبل الحكومة الاوكرانية والمعارضة ومجلس اوروبا. لن تفرض السلطات نظام الطوارئ، وتمتنع الحكومة والمعارضة عن اللجوء الى العنف. تسليم الاسلحة غير القانونية الى الجهات المرتبطة بوزارة الداخلية. ونشرت الخارجية الألمانية نص الاتفاق. وقد وقع الاتفاق كل من زعماء المعارضة فيتالي كليتشكو وارسيني ياتسينيوك واوليه تيانيبوك في مقر الرئاسة في كييف. وقال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي في تغريدة إن الاتفاق "حل وسط جيد بالنسبة لأوكرانيا" من شأنه فتح الطريق "نحو الاصلاح ونحو اوروبا." وقال الوزير البولندي للصحفيين لدى عودته الى وارشو إن روسيا لعبت دورا بناءا في التوصل الى الاتفاق. من جانبه، رحب البيت الأبيض بالاتفاق، واثنى على "شجاعة زعماء المعارضة الذين تيقنوا الحاجة الى حل وسط." العدوة اللدودة مارك لوين – بي بي سي، لفيف ينبغي على أي اتفاق يعقد بين الرئيس فيكتور يانوكوفيتش والمعارضة ان يجتاز امتحان القبول في لفيف. فلفيف مدينة كانت على الخط الامامي في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخرا، إذ كانت ترسل المتظاهرين ليليا بالحافلات الى كييف التي تبعد بمسافة 500 كيلومترا الى الشرق. وحقيقة الامر ان لفيف كانت دائما تتطلع الى الغرب وليس الى الشرق، فقد حكمها النمساويون والبولنديون لقرون قبل ان تسقط بأيدي الجيش الاحمر في الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين، واهل لفيف يفخرون بانتمائهم الأوكراني. سلطة حكومة كييف لا تسري في لفيف، إذ تخضع كل المباني الحكومية فيها لسيطرة المعارضين. قمت بزيارة مقر الشرطة الذي استولى عليه ونهبه المتظاهرون ليلة الثلاثاء. وفي مقر جهاز الأمن، رأيت العديد من السيارات المحترقة في باحة المبنى. إن المزاج الطاغي في لفيف هو التحدي، إذ يطالب الجميع بتنحي الرئيس يانوكوفيتش. وصوت النواب ايضا لمصلحة تعديل في القانون قد يكون من شأنه اطلاق سراح عدوة الرئيس يانوكوفيتش اللدودة، رئيسة الحكومة السابقة يوليا تيموشينكو. وكانت تيموشينكو قد سجنت سبع سنوات في 2011 بتهمة استغلال السلطة. ويقول مؤيدوها إن الحكم باطل وانه كان عبارة عن انتقام من جانب يانوكوفيتش. وقد صوت العشرات من نواب حزب المناطق الذي يتزعمه الرئيس يانوكوفيتش لمصلحة التعديلات الجديدة، مما يعتبر هزيمة مذلة للرئيس.