منذ زمانٍ وأنا أحفرُ في هذا الظلام الموحشِ
لا أحفرُ بحثًا عن مفاتيح قلاعٍ أو كنوزِ مدنٍ ميّتةٍ..
عن رُقُمٍ سوداءَ أو تيجانِ أجدادِ ملوكٍ
حُفظتْ أسمالهم في الطينِ..
لا؛ بل أحفرُ الظلام كي أُبصر أسمائيَ في آخره..
أحفرُ كي أنظف المرآةَ من غبارها (...)
حين: لا أبيض ولا أسود...
حين: العقيدة الجمال
والنسب بذرة الريح
واللغة صدى حلم القلب...
حين: السماء
هي السقف الاقليمي لرعاة الماشية
والأوطان مرسومة بشهوات أقدام الحالمين
وحدود الممالك
محمولة على أجنحة العصافير
حين: على أي تلةٍ ينهض البيت
وتحت أي سقف (...)
-1-
دائماً، بسبب خيلاء الضعيف وإعاقات روح المهزوم، نكره في "الآخر" تواضع قلبه ونجرّده من قيم جماله الإنساني، فيما نحن - كالفئران - نتذلّل امام قوته وجبروت معادنه: "الآخر" شرّ مطلق... ما لم يثبت العكس. وبانتظار "ثبوت العكس"، غالباً ما يكون الوقت فات (...)
لا أحد يفهم الموتى!
لطيفون، هادئون، وُدعاء وطيبون... وكسالى.
لكن، أكثر من ذلك: عنيدون!
عنيدون أكثر مما يُصدَّق عن موتى...
وأكثرَ مما يليق بهم أيضاً.
.. .. .. ..
ذات صباح، وعلى غير توقُّعٍ من أحد،
جاؤوا إلينا.
جاؤوا في الصباح وكانوا يصخبون.
جاؤوا في (...)
أعتقد ان العرب من أكثر شعوب الأرض تلذذاً بالاستيلاء على مفاتيح المستقبل، والهيمنة على "طرق حرير" الخلود، واحتكار ألقاب المجد!... فعبر تاريخ شعري يمتد على أكثر من عشرين قرناً، سمح قضاة الثقافة العربية، ولمرة واحدة، بإطلاق لقب "الريادة" على نفر محدود (...)
رحل "نزار قباني" ثيراً خلفه طوفانات من الأسئلة حول مصداقية شعره، وحداثيته، ومدى انتمائه أو تخطّيه مفاهيم عصره الجمالية والاجتماعية والسياسية وغيرها...
آخر هذه الأسئلة، وربما أكثرها إرباكاً، ما يتعلق بقدرة شعر نزار على "الصمود أمام حكم الزمن" ولعله (...)
"لا تنظر إلى هذه الكدمة الزرقاء...
ولا إلى الجرح الذي يعلو قلبي،
لا تنظر إلى التجاعيد التي بدأت تحفر حول عينيّ...
ولا إلى الشعرات البيضاء التي تنبت في رأسي.
فقط... انظر إلى روحي
عشب آذار الجديد...".
هكذا تكتب مرام المصري في مجموعتها "كرزة حمراء على (...)
مرة أخرى يتمرد عليه قلبه.
مرة أخرى تتلكأ آلة الحياة الضعيفة، المراوغة، الصغيرة، ويكتشف الشاعر المخذول ما سبق أن اكتشفه شاهد آخر قبل ألفي عام من المكابدة والعذاب ومغالبة حمّى الشعر: أواه... أواه، ان الجسد ضعيف ولكن الروح مستيقظة.
حمّى الشعر! الحمى (...)