أحياناً، وأنا أتسكّع في داخل نفسي، أحلمُ. لا أحلمُ، لكنْ... أحلم أنني أحلمُ. أتخيلُ شبّاكاً في منتصف الحائط، قمراً أزرق يترنح في عامود الآجرّ العالي، ثوبَ امرأةٍ يتلألأ فوق حريرِ امرأةٍ، عنقودَ حنانٍ يتدلى من فتحةِ نهديها، حسّوناً أزعر ينقر سرّتها المرمر، يُغمد شهوتهُ في ما تحت السرّةِ، يتخابثُ، يترنمُ، يسكرُ من فوحِ نبيذٍ أسودَ يتقطّر من زغبٍ مغزولٍ بلهاثِ خطايا ودخان مسرّاتٍ... أحلمُ أنني أحلمُ. أتخيّل أنني بحارٌ ورماني البحر على حافةِ هذي الأرضِ. ولي خلف الحافةِ أطفالٌ وامرأةٌ. أتخيّلُ ان المرأة تبكي، والأطفال - كما هي عادتهم دوماً - يختصمون على شيءٍ ما لا أعرفه لا يعرفه أحدٌ.... وأرى صورة نفسي تتدلّى من مسمارٍ في الحائط فوق سرير المرأةِ. ثم: المرأةُ... تتنهدُ، وأنا - في الصورة - أتنهّدُ، ثم أرى القطةَ، والمصباحَ، وجلد الضبعِ الأصهب ممدوداً فوقَ الكرسيّ، وفوق الجلد الأصهب نوتاتُ الموسيقى...، وسلاح الصيدِ سلاحي إذ كنتُ أُحب الصيد، وأقلامي: عشرون... ثلاثون... مُرتبة في طبقِ القشّ الصينيّ، وأوراقي... ما أكثرها!... أحلمُ أنني أحلمُ... فأراني: شيخٌ في السبعين! أخضرَّ هوائي حولي مِن أهوالِ الوحشةِ... فاسودّت روحي وابيضَّ كتاب خطاياي... أراني شيخاً. وأراني فوق سرير المرأةِ أتصفحُ أوراقي، بهدودِ الثعلبِ، كي تحسب أختي المرأةُ أنني لا أكترثُ بها... ترقبني، بحياء الثعلب، فأطيلُ النظر الى الأوراق. أعدُّ الأوراقَ. أعدُّ على الأوراقِ الشاماتِ الخمسَ، الأغصانَ الوضاءةَ، ماعونَ النور - البطنَ، لحاءَ الشهواتِ، ندى زلاّتِ القديسات يُنقطُ من أحلامِ القديساتِ، لعابَ الوردِ يسيلُ على أهدابِ الوردِ، الندبة تحت ال... أو فوق ال..." ثمّ: هنالك... حيثُ يدوخُ البحار الشيخ فيترك إصبعهُ تتحسسُ جريان الحمّى في زغبِ الشامات الخمس!... يا للشامات الخمسْ! تتوهّج في بال البحار الشيخ كما تتوهجُ خمسُ شظايا شمسْ. شاماتٌ خمسْ... تتوهجُ فوق الأوراقِ: ثلاثٌ تحت النهدِ الأيسرِ... واحدةٌ في أعلى عنقِ القديسةِ... حيثُ يدقُّ الشريان... وأخرى فوق ال... تصعبُ رؤيتها! "ألشامات صدى أسرار المرأةِ... دعها غافلةً" - قلتُ لنفسي: "ألشامات تعاويذُ البحّار الهالك" - قالت لي نفسي. ألشاماتُ تعاويذُ البحار" إذاً فاقطفْها. فإذاً أقطفُها... أقطفها واحدةً واحدةً أقطفها فوق الأوراقِ وآكلها بحياء البحّار الشيخِ فلا ألبثُ أن أغفو... فوقَ الأوراقْ! فوق الأوراقِ... وأحلمُ أننى أحلمُ فوق سريرِ امرأةٍ تحلمُ. 24/9/2000