للأمية وجوه كثيرة. وإذا كان الواقع نصاً أو شبيهاً بالنص، فإن الإخفاق في قراءة أحداثه وتقدير نتائجها، شكل من أشكال الأمية. وأمية بعض المحسوبين على الثقافة أسوأها جميعا.
وإذا كانت الكِياسة هي القدرة على التمييز بين الحقيقي والزائف، أو بين الصواب (...)
لم يخطر على بال الفيلسوف ديوجين حين قال: «لست إغريقيا، أنا مواطن عالمي» هذه الطفرة التكنولوجية التي جعلت العالم قرية كونية كبيرة. كان ديوجين يعبر عن شعوره بالانتماء للإنسانية بمعزل عن التعصب والانغلاق والتعالي العرقي والثقافي.
لكن العلم وما نتج عنه (...)
أردت أن يكون العنوان «take it easy»، لكني تراجعت؛ كي لا أثير حفيظة حراس اللغة الأشاوس، فالمزاح معهم مكلف. وقد يعتبر ذلك خيانة للغة العربية. نعم. المزاح مكلف أحيانا، لكن يبدو أن الافراط في الجد أكثر تكلفة، وهذا هو موضوع المقال.
قد يفرّخ الجد خيبات (...)
نعم أعود مرة أخرى، ومن قبيل الإضافة لا التكرار، فأتناول موضوع «الحشرية» بدافع الفضول. قد يرى عازفو نشيد «القضايا الكبرى» هذا الموضوع ثانويا، أما أنا فلا أراه كذلك.
وأما «الفضول الذي قتل القطة» فإنه في مجتمعاتنا لا يقتلها، بل يسليها ويملأ وقت فراغها، (...)
يبدو أن الناس متفاوتون حتى في ضجرهم. فما يُضجر زيدا قد يكون مصدر متعة وتسلية عند عمرو. وضجر الأغنياء يختلف عن ضجر الفقراء. ولأني لست غنيا فإني لا أستطيع أن أجزم بصحة ما يقوله الفنان جورج ساندرز من أن «الطبقة الغنية هي أكثر الطبقات الاجتماعية معاناة (...)
للظرفاء أساليبهم الخاصة في التعبير عن آرائهم، فالشيخوخة عند الممثل الكوميدي الأمريكي بوب هوب تبدأ عندما تزيد تكلفة الشموع على تكلفة كعكة الاحتفال بيوم الميلاد. (أذكّر مرة أخرى أن هذا المقال مزيج من الجد والهزل كسابقه). وأعود إلى السؤال الذي طرحته في (...)
غالبا ما أنبّه القارئ الجاد حين أتجاوز تخوم الجد حفاظا على وقته الثمين. لكن موضوع هذا المقال مزيج من الجِد والدعابة التي نحتاج إليها بين حين وآخر في هذا الزمان المتجهم.
يقال «الكِبَر شين». وقد تداعى إلى الذاكرة وأنا أهم بمناقشة هذه العبارة برنامج (...)
وقد كان فوتُ الموتِ سهلاً فردَّه/ إليه الحِفاظُ المرُّ والخُلُقُ الوعْرُ! ووعورة الخُلُقِ في هذا السياق إيجابية، إذْ قال أبو تمام ذلك في رثاء محمد بن حميد الطائي. نعم، هي إيجابية حين تأتي في موضعها المناسب. أي حين «نضعُ النَّدى حيث النَّدى، والسيفَ (...)
ما هي الآلية المتبعة لمنح جائزة ما؟ وما المعايير التي يتم بموجبها اختيار العمل الفائز؟ حين يطرح هذا السؤال الذي لا أنوي الإجابة عنه، يحضر إلى الذاكرة سؤال آخر هو: مَنْ يقيّم مَنْ؟
تلاحظ مغنية الأوبرا (أراكس شيكيجيان) في لقاء معها على إحدى الفضائيات (...)
كما تؤخذ ضريبة عالية على بعض المنتجات، ينقل البرتو مانغويل في كتابه «يوميات القراءة» خبرا ظريفا عن مجموعة من قراصنة الكومبيوتر (الهاكرز) تسللوا إلى موقع وزارة المالية الرومانية وقاموا بإدخال «ضريبة على البلاهة»، وتفرض النسبة حسب أهمية الوظيفة التي (...)
هذه إضافة إلى كتابة سابقة عنوانها «افتحوا النوافذ للضوء»، وأعني بذلك ضوءَ الفن المحاصر بكثير من الزواجر والنواهي، قبل محاكم التفتيش بزمن بعيد وإلى أيامنا هذه، يُحاصر الفن الحقيقي، كلمةً كان أم صورةً، لأنه صوت المستقبل الذي يقض مضاجع الغافين على (...)
في في مقالين سابقين أحدهما عنوانه «جينز الحداثة» والآخر بعنوان «مجرد تقليعات عابرة» تناولت الاهتمام المبالغ فيه بالمظهر في كثير من جوانب حياتنا، يقابل ذلك تراجع في الاهتمام بالقيمة، حيث يصبح الجوهري أمرا ثانويا. وقد أشرت إلى مظاهر وتقليعات يراد بها (...)
لم يعرف الجيل الذي أنتمي إليه -في صغره- غير قَصَّة شَعْر واحدة. نذهب إلى المزيّن فيجز شَعر رؤوسنا على الصفر، حتى تصبح رمادية اللون، ثم يمسحها بالدهان، لنعود إلى البيت مزهوين بصلعتنا الجديدة. كان المزيّن يسابق الزمن فيهَبُنا الصلعَ قبل الأوان.
لكن (...)
استحوذ برنامج (الصدمة) على اهتمام مشاهدي قناة (ام بي سي)، غير أن البرنامج ليس موضوع هذا المقال، وإنما أشير إليه كمدخل للحديث عن وجهي العملة للسلوك الاجتماعي البشري. لذلك لا تعنيني الجوانب الفنية، ولا الملاحظات التي يسجلها بعضهم على البرنامج. ما (...)
امتدادا لما تقدم عن التدجين وغسل الأدمغة وبرمجة العقول، أقول: لقد اتسع الخرق على الرائق بعد أن يسرت وسائل الاتصال الحديثة تلك المهمات.
وامتدادا لذلك أيضا يمكن العودة إلى الماضي لالتقاط بعض الشواهد المماثلة. ففي القرن الخامس الهجري كان الحسن الصباح (...)
وينشأ ناشئُ الفتيانِ منَّا/ على ما كان عوَّده أبوه. و«الأب» في هذا النص تعبير مجازي، فهو البيت والمدرسة والشارع والثقافة السائدة. وكل العوامل الاجتماعية التي تنقش شاراتها في الذاكرة.
يعبر المتنبي عن المعنى نفسه بكلمات أخرى فيقول: «لكلِّ امرئٍ من (...)
حين تأتي الكتابة، ينبغي أن تأتي كالماء من الحنفية»! تبدو عبارة هنري ميلر هذه غريبة إذا ما فصلت عن سياقها، لكنها لا تعني ذلك «الإسهال الكتابي» المجاني الذي يأتي بسهولة ويرحل من الذاكرة بسهولة مماثلة. نعم، ليس المقصود بهذه العبارة ما تضخه «صنابير» (...)
تحول الجينز من بنطلون يرتديه عمال المزارع والمناجم في أمريكا القرن التاسع عشر الميلادي إلى رمز للباس العصري. ومن ثمَّ فإن العنوان يعبر عن حداثة المظهر لا الجوهر. والذين تقمَّصوا أو «تَبَنْطلوا» الحداثة أو حُسبوا عليها كُثر. بعضهم حُسب عليها لأنه (...)
هل يبحث الطالب في قسم الدراسات التاريخية عن الحقيقة؟ يبدو أن همَّ الطالب في هذه المرحلة هو حفظ المقرر إرضاءً لأستاذه، والحصول على تقدير (ممتاز)، وسيحتفظ لنفسه بالرواية الأخرى، إن كان البحث عن رواية أخرى يعني له شيئا.
وهي الحال نفسها التي عبر عنها (...)
قالت شمس علي، وهي تغادر القاهرة، مخاطبةً نجيب محفوظ: «أية أقدار ساقتني أن أغادر أنا وأنت ذات المحطة الأخيرة القاهرة عشقك الأبدي، في ذات الزمن، صبيحة الأربعاء». (طقس ونيران: خارج السرب القصصي لم نلتقِ أنا ونجيب محفوظ). غادرت شمس القاهرةَ قاصدةً (...)
من يرصد منجزات العبقرية الموجهة نحو خدمة الحياة وتسهيل سبل العيش، ورفاهية الإنسان على هذه الأرض، سيجد فيضاً من الأمثلة. تأمل، على سبيل المثال، هذا الجهاز الصغير الذي يلازمنا أكثر من ظلنا، أعني الهاتف المحمول أو الجوال. وستجده، على صغر حجمه، متعدد (...)
جاء في ختام المقال السابق أنه لا معنى للحديث عن نهايات الأشياء، مادام بالإمكان أن يتواجد القديم والجديد وأن يتجاورا، وأن يكمل بعضهما بعضا، ومادام في القديم مزايا تؤهله للبقاء. لكن هنالك دائما من يحمل مسمارا بيده ليدقه في نعش شيء ما. وقد جاء دور (...)
إذا وجدت من لا يتحمس للحديث عن النهايات، مثل نهاية عصر التلفزيون التقليدي وبدء عصر اليوتيوب، ونهاية عصر القلم وبداية عصر ال «كيبورد»، أو الحديث عن «المسمار الأخير» في نعش الكتاب الورقي، فلا يعني ذلك أنه «دقة قديمة»، وإنما يعني أنه لا يميل إلى مثل (...)
هل توقفت عند السؤال الذي طرحته السيدة فيروز وهي تغني «أسامينا شُو هيّه أسامينا؟» لهذا السؤال دلالة مهمة. فنحن بالكاد نجد اسما على مسمى، ونادرا ما نسمي الأشياء بأسمائها. وقد تناولت موضوعا مشابها لهذا من قبل، وأعود إليه مرة أخرى بهدف الإضافة لا (...)
يوحي هذا العنوان الذي يحاكي عبارة سقراط الشهيرة بأن الكتاب قد أصبح سلعة من السلع الاستهلاكية. أي أنه لا يختلف عن تلك المعروضات التي رآها سقراط في السوق فقال: «ما أكثر الأشياء التي لا أحتاجها». ويعني، كذلك، أن القارئ لا يختلف عن أي مستهلك آخر. حيث (...)