«أفياء» تطل علينا تلك الزاوية بربيع حروف كاتبتها الدكتورة عزيزة المانع كل صباح عبر صحيفة عكاظ بشتى المواضيع التي تهم وتشغل فكر الشارع السعودي فالحديث مع الأدباء والمثقفين والمفكرين المهتمين في صنوف قضايا ومشاكل المجتمع السعودي يشرح لك فكرك وقلبك من خلال ما يطرحه في قوالبه الأدبية المتعددة، لكن اليوم تتحدث لليمامة الدكتورة عزيزة المانع عن قالب واحد سرق منها وقتها لكن حبها لكتابة المقالة جعلها تتغاضى. ,, لماذا انتقيت كتابة المقال؟ وهل ما زلتِ في الوقت الراهن تكتبين لذات الأسباب؟ - ربما لأني لا أتقن شيئاً آخر، وربما لأنك حين تحس أن لديك ما تريد قوله وترغب في أن يسمعه الناس، تبحث عن سبيل مطروق يرتاده الجميع كي يمكنك تسويق فكرك فكانت المقالة. ,, كيف كنتم تتواصلون في السابق مع الصحف؟ وكيف كان يرد على أعمالك الكتابية؟ - بالوسائل المتوافرة في ذلك الوقت، كالتليفون والفاكس والخطابات الورقية أحياناً. ,, وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في تسهيل الحصول على المواضيع المختلفة وطرحها رأيك في ذلك؟ - ربما تقصدين سهولة الحصول على الشائعات والاغتياب والنمائم والهمز واللمز، أما المواضيع الجادة فلا تُستقى من وسائل التواصل الاجتماعي، ولا أظن كاتباً جاداً يمكن أن يتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً لمواضيعه. ,, لماذا سميتِ عمودك اليومي في صحيفة عكاظ أفياء؟ ومنذُ متى بدأت تكتبين تحت هذا الاسم؟ - لا أدري، ربما لأن بيئتنا الحارة بشمسها المرهقة، ترسم للفيء في خيالنا صورة رومانسية بديعة، وأفياء ولدت عام 1995 وهي الآن شابة في عامها العشرين ,, الكتابة اليومية ماذا تأخذ منك وماذا تعطيك؟ - الكتابة اليومية تأخذ مني وقتي، تسرق مني كثيراً من الوقت، لكني أتعامى عن ذلك فنحن عادة نتغاضى عن ذنوب من نحب، لكنها أيضاً أعطتني الكثير، أعطتني الإشباع النفسي، والتفاعل الاجتماعي الجميل مع القراء، والمساحة الوافية للتعبير عما في الخاطر. ,, جربت الكتابة في غير صحيفة عكاظ؟ أم إنك من عشاق الاستقرار؟ - لا تقولي استقراراً، أفضل أن أصفه بالألفة، فمن طبعي أني ألوفة، أحس أني أشبه المتنبي في ألفته للأشياء والتصاقه بها التصاقاً يجعله لا يرى جمالًا في سواها، فأنا أقدر تماماً مشاعر المتنبي حين قال: خلقت ألوفاً لو رجعت إلى الصبا لفارقت شيبي موجع القلب باكيا كما أن عكاظ تستحق هذه الألفة، فهي صحيفة ناجحة وواسعة الانتشار، هي الصحيفة الأبرز في بلادنا، إضافة إلى أنها تقدر كتابها وتتعامل معهم باحترام، لذا هي مريحة بالنسبة لي، فما حاجتي إلى تجربة غيرها؟! ,, ما المشاكل التي شغلتك منذ أمسكت بالقلم وما زلتِ تطرحينها؟ - المشاكل لا يتوقف توالدها، تظل تنبت كشوك بري ما تكرر الليل والنهار، في بداية حياتي كان هاجسي إصلاح نظرة المجتمع إلى المرأة، لكني مع مرور السنين وزيادة النضج بدأت أدرك أن الخلل في نظرة المجتمع إلى المرأة ليس إلا جزءاً صغيراً من خلل أكبر عام يهيمن على تفكير المجتمع. فانصرف تفكيري إلى التأمل في مصدر ذلك الخلل وكيف يمكن إصلاحه! إن أمامنا ركاماً من القضايا المهمة التي تشغل المجتمع فكرية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وبعضها في غاية التعقيد لارتباطه في أذهان الناس بالدين، وما هو حلال وحرام، وذلك يعني أننا في حاجة إلى اجتهاد فقهي حديث، يبحث في تلك القضايا بعمق من منظور واع وبمنهج مختلف عما في كتب الفقه التقليدية، ليس لأن ما تضمنته تلك الكتب من آراء وأفكار قديم لا يساير العصر، كما قد يتبادر إلى الذهن، وإنما لأن بعض ما ورد فيها ليس إلا اجتهادات، بعضها لا يصلح حتى للعصر الذي قيلت فيه. ,, أنت كاتبة شحيحة في الإصدارات فلماذا ذلك الغياب؟ - لك أن تقولي إني جبانة، شديدة التهيب من النشر، وأزداد تهيباً كلما رأيت كثرة الإصدارات التي ينشرها أصحابها وهي لم تنضج بعد، فتبدو هزيلة ذابلة، فأنأى بإصداري عن أن يكون له المصير نفسه. ولك أن تقولي إني امرأة تبحث عن الكمال، وتظل بكل سذاجة تنتظر أن تبلغه يوماً، بينما هي تدرك عقلياً أن الكمال لم يخلقه الله على وجه هذه الأرض. ,, قرأت لكِ مؤخراً مجموعة من المقالات فوجدتها تنتهي بعلامة (!!) التعجب فلماذا؟ - ربما لأن كثيراً من الأفكار والآراء والأحداث والمشكلات التي أتحدث عنها هي فعلًا مما يثير الاستغراب. ,, كونك عضو في مجلس إدارة الجمعية السعودية لكتاب الرأي ما المراد من هذه الجمعية؟ وهل سيكون لكل منطقة فرع للجمعية؟ - المراد من هذه الجمعية أن تكون مظلة يجتمع تحت لوائها كتاب الرأي، وأن يجدوا في كنفها ما يخدم مصالحهم ويدعم الصلة بينهم، وحالياً لا يوجد أي فرع للجمعية خارج منطقة الرياض، ولكن من المحتمل جداً أن يكون ذلك في المستقبل. ,, في رأيك ما الدور الفاعل الذي ستلعبهُ المرأة في الجمعية السعودية للرأي؟ - لا أتوقع أن يكون للمرأة دور مختلف عن الرجل، فالكتابة فعل محايد لا يرتبط بجنس الكاتب. ,, كرمت من قبل أثنينية عبدالمقصود خوجة كيف رأيت ذلك التكريم لك ولمن سبقك من أرباب الحرف وأعمدة الثقافة السعودية والعربية؟ - الشيخ عبدالمقصود خوجة في اثنينيته كان له فضل السبق في تكريم المرأة في بلاده، فمجلسه الثقافي يعد أول مجلس من نوعه يكرم النساء كما يكرم الرجال، والتكريم هنا دلالة على احترام الفكر النسائي والاحتفاء بوجود المرأة المثقفة. ,, في رأيك هناك قواسم مشتركة بين الكاتب وما يكتب؟ - الكتابة قطعة مجتزأة من صاحبها، فنحن حين نقرأ للكاتب لا نقرأ ما يكتب فقط وإنما نقرأ من بين ثنايا سطوره مستوى تفكيره، ونوع توجهاته، وسعة ثقافته، وأخلاقه، وشخصيته، حتى لنكاد نحس أننا نعرفه منذ زمن. ,, ما ردة فعلك في حال حجب موضوعك أو قصقصتهُ دون أن يأخذ رأيك في ذلك أو إيضاح الأسباب لك؟ - حجب المقال أهون علي كثيراً من قصقصته، وقصقصته أهون من إضافة عبارات أو كلمات لم تخطها يدي، لكن ذلك نادراً ما يحدث في عكاظ، فأغلب المرات يكون هناك تشاور بيننا واتفاق على إعدام المقال أو الاكتفاء ببتر بعض أطرافه.