أقر بنك بي.ان.بي باريبا الفرنسي بالذنب في اتهامين جنائيين واتفق على دفع نحو تسعة مليارات دولار لتسوية مزاعم بانتهاك العقوبات الأمريكية على السودان وكوبا وإيران في معاملات مالية عديدة. وفي خطوة غير مسبوقة، بحسب تقرير "رويترز"، حظرت السلطات التنظيمية على بي.ان.بي إجراء معاملات معينة بالدولار الأمريكي لمدة عام لتحرمه من جزء مهم من أنشطته الخارجية. وقالت السلطات إن العقوبات القاسية مستحقة بسبب الانتهاكات المطردة والمتعمدة ورغبة البنك في إعلاء شأن الأرباح فوق الاعتبارات الأخرى حتى بعد أن حذر المسؤولون الأمريكيون البنك بشأن مسؤوليته عن مراقبة التدفقات النقدية غير المشروعة. وقال جيمس كول نائب المدعي العام في معرض الإعلان عن التسوية إن البنك كان بمنزلة "البنك المركزي لحكومة السودان" وإنه عمد إلى إخفاء مسلكه ولم يتعاون عندما خاطبته سلطات إنفاذ القانون للمرة الأولى. وحضر جورج ديراني المستشار القانوني العام للبنك لفترة وجيزة بمقر محكمة ولاية نيويورك للإقرار بالذنب في تهمة تزوير سجلات أعمال وتهمة التآمر. وخلصت السلطات الأمريكية إلى أن بي.ان.بي باريبا تحايل على العقوبات المفروضة على كيانات في إيران وكوبا عن طريق حجب معلومات عن التحويلات الإلكترونية بحيث تمر بالنظام الأمريكي دون إثارة شبهات. وفي حالة عملائه السودانيين أقر البنك بوضع هياكل مدفوعات تهدف إلى تنفيذ المعاملات عبر بنوك تابعة لإخفاء منشأها. وقال بريت بارارا النائب العام لمانهاتن الذي شارك مكتبه في التحقيقات "عول بي.ان.بي على أن أحدا لن يحاسبه على دعمه الإجرامي لبلدان وكيانات تمارس الإرهاب وفظاعات أخرى لكن هذا بالضبط هو ما قمنا به اليوم." وقالت السلطات الأمريكية إن بي.ان.بي أخذ خطوات للالتفاف على العقوبات الأمريكية منذ 2004 على الأقل وحتى 2012. وتتضاءل بجانب العقوبات المفروضة على أكبر بنك فرنسي أي عقوبات سابقة لأسباب مماثلة وهي أعلى بكثير من تلك التي فرضت في مايو أيار على كريدي سويس الذي أصبح أكبر بنك في عقود يقر بالذنب في تهمة جنائية أمريكية وذلك فيما يتعلق بمساعدة أمريكيين على التهرب الضريبي. ولم توجه اتهامات إلى أي أفراد يوم الاثنين لكن السلطات الأمريكية قالت إن التحقيقات مستمرة. وقال سايروس فانس النائب العام لحي مانهاتن في مقابلة "القضية التي يقر فيها بي.ان.بي بالذنب هي بحق الشركة فقط لكن تحقيقاتنا بخصوص الأفراد مستمرة." وقال بي.ان.بي إنه سيتحمل مصاريف استثنائية قدرها 5.8 مليار يورو (7.9 مليار دولار) في الربع الثاني من هذا العام. وقال جان لوران بوناف الرئيس التنفيذي للبنك للمحللين والمستثمرين في مؤتمر بالهاتف يوم الثلاثاء "نأسف أسفا عميقا على مخالفات الماضي التي أفضت إلى هذه التسوية .. الأخطاء التي خرجت إلى العلن خلال هذا التحقيق تتناقض مع المبادئ التي يسعى بي.ان.بي باريبا على الدوام للالتزام بها." وقال إن البنك سيعزز القيود والإجراءات الداخلية بدرجة كبيرة. وقال إنه ينوي الإبقاء على التوزيع النقدي عند 1.5 يورو للسهم هذا العام دون تغير عن 2013 ويتوقع أن تبلغ نسبة كفاية رأس المال الأساسي حوالي عشرة بالمئة في نهاية يونيو حزيران بما يتماشى مع أهدافه للمدى الطويل. وكان من المتوقع أن يقلص البنك توزيعاته وأن يبيع سندات أو بعض الأصول لدفع الغرامة. وقال بوناف "التسوية كبيرة جدا لكنها لا تنال من صلابة مركز بي.ان.بي باريبا."