في تبادل علني نادر للانتقادات, أدانت السعودية تصريحات مبعوث حقوق الإنسان الروسي بشأن الوضع في شرق البلاد والموقف من الشيعة السعوديين, بوصفها "عدائية" وتدخلا غير مبرَّر في الشؤون الداخلية. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن بيان لوزارة الخارجية أنها "تود أن تذكر المسؤول الروسي بأن المملكة كانت ولا تزال حريصة على احترام قواعد الشرعية وسيادة الدول واستقلالها، ونأت بنفسها عن التدخل في شؤونها الداخلية، بما في ذلك حرصها على عدم التدخل في شؤون روسيا وسياساتها في التعامل مع الاضطرابات داخل حدودها، والتي أودت بأرواح العديد من الضحايا". وعبر البيان عن الأمل في "ألا يكون صدور مثل هذا التصريح الغريب يهدف إلى صرف النظر عن المجازر الوحشية والشنيعة التي يمارسها النظام السوري ضد شعبه، وبدعم ومساندة أطراف معروفة تعرقل أي جهد مخلص لحقن دماء السوريين". وذكرت رويترز أن هذا التبادل العلني النادر للتصريحات يعد انعكاسا للتوتر بشأن الوضع في سوريا, حيث تقاوم روسيا تطبيق عقوبات يدعمها الغرب والعرب ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وكان موقع وزارة الخارجية الروسية على الإنترنت قد ذكر أن مفوض حقوق الإنسان الروسي كونستانتين دولغوف أبدى "قلقا كبيرا" من الوضع في شرق السعودية، بعد حديثه عن اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين سلميين من الشيعة قتل خلالها شخصان وأصيب أكثر من عشرين. وبينما نفت وزارة الداخلية السعودية وقوع اشتباكات, قال دولغوف إن "الشعب في المنطقة الشرقية بالسعودية كان يحتج ضد التدهور الحالي وفقا لرأيهم في حقوق المجتمع الشيعي من جانب سلطات المملكة". ومن جهة ثانية -وفي وقت سابق أمس الأول- قتلت قوات الأمن السعودية مسلحا بعد قيام مجموعة من الملثمين في العوامية -التابعة لمنطقة القطيف شرقي المملكة التي يسكنها عدد كبير من الشيعة- بإطلاق النار على مركز أمني وإصابة أربعة عناصر من رجال الأمن. وأوضح المتحدث الأمني في وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور بن سلطان التركي في بيان أن أربعة ملثمين مسلحين من راكبي الدراجات النارية تسللوا إلى الجهة الشرقية من مركز شرطة العوامية وألقى أحدهم قنبلة مولوتوف, بينما باشر آخرون إطلاق النار باتجاه المركز. وذكر المتحدث أن حراسات الموقع "تعاملت وفق ما يقتضيه الموقف مما نتج عنه مقتل أحدهم وفرار الباقين". وأكد أن قوات الأمن "لن تتهاون مع مثيري الشغب وخاصة المسلحين منهم، وتحمل المسؤولية كل من يتستر عليهم أو يؤويهم". كما قال إنه "يهيب بالعقلاء الأخذ على أيدي هذه الفئة التي تحاول جر أبناء البلدة إلى ما لا تحمد عقباه". وفي وقت لاحق، قال اللواء منصور التركي إن دوريتيْ أمن في سيهات (شرقي المملكة) تعرضتا لإطلاق نار من ملثمين مسلحين من راكبي الدراجات النارية، مما نتج عنه إصابة أربعة من رجال الأمن، ولا يزال الحادث موضوعا للمتابعة الأمنية. وكانت السلطات السعودية أعلنت الاثنين الماضي مقتل سعوديين أثناء تفريق احتجاجات في منطقة القطيفالشرقية، عقب اعتقال رجل الدين الشيعي الشيخ نمر باقر النمر في وقت متأخر من مساء الأحد، بعد أن أصيب في ساقه خلال تبادل لإطلاق النار. وقد استنكر خطيب صلاة الجمعة في النجف بالعراق صدر الدين القبانجي في خطبته اعتقال النمر، معتبرا الأمر "معركة طائفية" ضد الشيعة السعوديين، في إشارة إلى القبض على النمر الذي أثار تحركات في محافظة القطيف شرقي المملكة. وقال القبانجي -في خطبة الجمعة بالحسينية الفاطمية في مدينة النجف جنوب بغداد- إن "ما يجري في السعودية معركة طائفية، وآخرها اعتقال أحد علماء الشيعة في المنطقة الشرقية (وهو الشيخ نمر عبد الله النمر)، وما رافقه من مظاهرات واعتقالات ومصادرة الحقوق على أسس طائفية". وأضاف أمام مئات المصلين أنه "كان جديرا بالمملكة اعتماد التعددية المذهبية والحرية الثقافية، والابتعاد عن سياسة القمع التي لن تكون مجدية".