عتبر الدكتور سلمان ابن فهد العودة الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين أن فوز حزب النهضة التونسي مؤشر لتغيرات هامة في العالم الإسلامي، مشيراً إلى أن الحزب لديه استيراتيجية واضحة في التركيز على قيم الحرية العدالة والتعددية كرؤية اجتهادية ضمن قيم الإسلام باعتباره النموذج الأقرب الآن لطبيعة تونس. ونقلا عن موقع " الاسلام اليوم " فقد قال د. العودة في مداخلة لبرنامج البيان التالي الذي استضاف زعيم النهضة راشد الغنوشي على قناة دليل: إن الحزب لا يقدم نفسه باعتبار أنه تجربة معصومة أو أنه يمثل الإسلام؛ وإنما يقدم رؤية اجتهادية بشرية ضمن قيم الإسلام مع مراعاة ظروف الواقع، مشيراً إلى أن تونس في علاقتها وقربها من الغرب وتركيبتها الاجتماعية والسياسية والثقافية تحتاج إلى صياغة قريبة من النموذج التركي. وحول تصريحات "النهضة" بأنها لن تتدخل في مسألة منع الخمور أو العري، أوضح فضيلته، أن "القصة هنا ليست تنازلات؛ فالنهضة لم تغير رأيها في أمور ثابتة من الشريعة إلا أن الأمر يتعلق بالممكن، وكل أمر مرهون بالاستطاعة". وأضاف، أن مسألة التدرج ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أمور أعظم من ذلك كما في حديث معاذ بن جبل، مشيراً إلى أن حزب النهضة لا يغيِّر الدستور ولا ينفرد بتشكيل الحكومة رغم حصوله على الأغلبية، كما أن كونه شريكا خاصة في هذه المرحلة التي تحتاج إلى التفاعل والمشاركة والحصول على الخبرات أولى من استئثاره بالمسئولية كاملة. ولفت د. العودة إلى أن أعظم إنجاز تقدمه "النهضة" هو الإقناع المحلي والعالمي بواقعية الإسلام والقضاء على الفزاعة التي طالما تم استخدامها في تخويف العالم العربي والغربي على السواء، مشيراً في ذلك إلى مسئولية الإسلاميين في مصر وليبيا وتركيا وماليزيا وكل البلدان الإسلامية ، وذلك عبر إصلاحات تدريجية وهادئة وليس عن طريق الإكراه. وقال د. العودة: إن بوادر مشروع نهضوي إسلامي عام يجب أن لا نحرقه بالاستعجال وعدم الوعي، مشيراً إلى الصعود اللافت للإسلاميين في مصر وليبيا ودول أخرى عديدة. ولفت د. العودة إلى أن إقصاء الشريعة في أي بلد عربي أو إسلامي لم يتم عن طريق الديمقراطية أو اختيار الشعوب؛ وإنما كانت عن طريق الديكتاتوريات الظالمة التي تبطش بالناس وتفرض عليهم خياراتها. وتوقع د. العودة، نجاح تجربة "النهضة" لمرونتها وإدراكها للواقع والمتغيرات مشيراً إلى "تونس ليست السعودية أو حتى مصر وإنما تمتلك صبغة وتركيبة خاصة تاريخياً وجغرافياً وثقافياً وعلمياً". من جهته، أوضح د. راشد الغنوشي زعيم النهضة، أن حزبه الآن "مهتم بقضايا الحرية، التي ستقود بدورها المجتمع إلى الدين، أما إذا فرض الحجاب أو غيره من هذه الأمور، فإن ذلك من شأنه أن ينشئ جيلاً من المنافقين، ونحن لا نريد هذا". وأشار الغنوشي إلى أن أبرز الأهداف القائمة حالياً في تونس هي حماية الموارد المالية من الفساد والحرية الدينية، لأنها مطلب، ولأن الإسلاميين قبل غيرهم كانوا محاربين في حريتهم الدينية وشعائرهم، "لذلك نعد إنجازاً أننا استطعنا أن نظهر شعائر الدين ونقوم بحريتنا الدينية.