في الوقت الذي تعهد فيه الزعيم الليبي معمر القذافي بخوض قواته الخميس معركة حاسمة لاستعادة السيطرة على مدينة مصراته الواقعة شرق طرابلس وسحق المعارضة في بنغازي ، أكدت مصادر دبلوماسية ان اعضاء مجلس الامن الدولي اتفقوا على مشروع قرار حول ليبيا للتصويت عليه، دون ان يكشف عن مضمونه. واوضح راف الله السحاتي قائد ميداني من بنغازي ، في اتصال هاتفي مع قناة "الجزيرة": "ان الثوار يضغطون حاليا على كتائب القذافي عند المدخل الجنوبي لمدينة اجدابيا" ، وأجدابيا هي مدينة استراتيجية بمثابة البوابة لبنغازي مقر الحركة المعارضة للقذافي. وقد تعرضت مصراتة الواقعة شرق طرابلس امس لهجوم عنيف من قبل الكتائب الموالية للقذافي في محاولة لاستعادتها من الثوار الذين تمكنوا كذلك من صد هجوم آخر على مدينة أجدابيا شرقا ، فيما يتوقع ان تقصف قوات القذافي معقل المعارضة الرئيسي في بنغازي والتي حذرت الكتائب سكانها من هجوم وشيك. واسفرت المواجهات التي تمت امس في مصراته عن مقتل 18 شخصا من الثوار ، فيما قتل 40 شخصا من قوات القذافي". وقال شاهد عيان من مصراتة: "إن كتائب القذافي بدأت هجومها على المدينة بقصف عشوائي بالمدفعية والدبابات والقذائف الصاروخية باتجاه المدن والأحياء السكنية لبث الرعب في صفوف الثوار وإشغالهم بالضحايا". واوضح "ان الكتائب استخدمت في هجومها أسلحة غير تقليدية تبيد العظام"، مشيرا إلى وجود جثث متفحمة نتيجة استخدام تلك الكتائب "قاذفات لهب" في وجه الثوار والمواطنين العزل في المدينة. وقال المتحدث باسم شباب ثورة 17 فبراير، عبد الباسط أبو مزيريق "ان الثوار يتوقعون هجوما جديدا على المدينة مستدلا على ذلك بالوجود الكثيف لكتائب القذافي في ضواحيها، وسعيها لرد الاعتبار بعد الهزيمة التي تعرضت لها امس الأربعاء ودحرها إلى أماكن تمركزها في مقر الكلية الجوية". وأضاف أن تلك الكتائب قد تعمد إلى تدمير المناطق القريبة من البحر وأن الثوار يتوقعون استخدام زوارق بحرية لضرب المدينة، لكنه شدد على أنهم مستعدون للدفاع عن مصراتة ومقارعة الكتائب "وعلى يقين من هزيمتهم". وقد أظهرت صور من مدينة مصراتة استهداف الكتائب الأمنية عددا من مساجد المدينة ومساكنها وبناية صندوق التقاعد فيها. التقدم شرقا بدورها، قررت اللجنة الدولية للصليب الأحمر سحب عامليها من مدينة بنغازي ، شرق ليبيا ، وسط مخاوف من هجوم قد يكون وشيكا تشنه القوات الموالية للعقيد معمر القذافي. وذكرت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" ان عاملين في الصليب الاحمر تحدثوا عن اجواء من الخوف تسود بنغازي ، اكبر معاقل المعارضة . وفي وقت لاحق، أعلن التليفزيون الليبي أن الجيش أصدر إنذارا الأربعاء لسكان بنغازي ينذرهم فيه بمغادرة المواقع التي يسيطر عليها الثوار ومناطق تخزين الأسلحة ، وأكد البيان أن قوات الجيش قادمة لإنقاذ سكان المدينة. فيما اشار شهود عيان في مدينة بنغازي الى ان المدينة تشهد هدوءا بعد انتهاء المهلة التي حددتها قوات القذافي للسكان بمغادرة المواقع التي يسيطر عليها المسلحون تمهيدا لاقتحامها. حرب نفسية ولجأ الزعيم الليبي الى استخدام الحرب النفسية ضد الثوار حيث اكد ان قواته ستخوض الخميس معركة حاسمة لاستعادة السيطرة على مدينة مصراتة، ثالث أكبر مدينة في البلاد وهي تبعد 150 كلم إلى الشرق من طرابلس. وقال القذافي: "ان المعركة بدأت الأربعاء في مصراتة واليوم الخميس ستكون المعركة الحاسمة". واضاف " انه لا يتوقع ان تضطر قواته لخوض معركة لاستعادة السيطرة على مدينة بنغازي معقل المعارضين المسلحين في شرق ليبيا". وسئل القذافي في مقابلة مع محطة تلفزيون "ال.بي.سي" اللبنانية هل يتوقع معركة في بنغازي فأجاب قائلا "لا.. لا أعتقد هذا". واضاف القذافي "ان المواقع التي يتحصن فيها المسلحون يجري تطهيرها الان بمساعدة من الشعب" ، واصفا المسلحين بأنهم عناصر "ارهابية" من "القاعدة" ، معلنا رفضه التحاور مع المعارضة الليبية. وفي تصريحات لصحيفة " لافيجارو" الفرنسية تنشرها اليوم الخميس، قال القذافي حول مصير المجلس الوطني الانتقالي الذي شكلته المعارضة الليبية في حال استعاد نظامه السيطرة على مدينة بنغازي: "إن وزير العدل الليبي السابق مصطفى محمد عبد الجليل القيادي بالمجلس شخص بائس وهؤلاء الاشخاص سيفرون من دون شك الى مصر لكنه ابدى استعداده للصفح عن مسئولين سابقين كبار او ضباط هم اعضاء او قريبون من المجلس الوطني الانتقالي قائلا ان هؤلاء اخذوا رهائن ساصفح عنهم اذا بقوا لانهم لا يتحملون مسئولية". من جهته اكد سيف الإسلام نجل القذافي أن العمليات العسكرية في ليبيا ستنتهي خلال الساعات ال48 القادمة وأن القوات الليبية على مشارف مدينة بنغازي، على حد قوله. وأضاف في مقابلة خاصة أجراها تلفزيون "يورو نيوز" معه في طرابلس أن الذين قاتلوا ضد نظام والده غادروا البلاد إلى مصر بعدما ترك الجيش والشعب "ممرا آمنا للخونة والمليشيات"، وأنه لن يتم الانتقام منهم وسيسمح لهم بالمغادرة بسلام، حسب قوله. في المقابل أكد الناطق باسم المجلس الانتقالي في بنغازي، عبد الحفيظ غوقة "أن أهالي مدن الشرق صامدون ولا صحة لما قاله سيف الإسلام عن سقوط كل المدن الليبية في قبضة كتائب القذافي في ظرف 48 ساعة". حظر جوي في الوقت الذي تتحدث وسائل الاعلام عن وجود انقسام بين اعضاء مجلس الامن الدولي حول فرض قرار بحظر جوي فوق الاراضي الليبية اكدت مصادر دبلوماسية فجر الخميس ان اعضاء مجلس الامن اتفقوا على مشروع قرار حول ليبيا للتصويت عليه، دون ان يكشف عن مضمونه. ودعت الولاياتالمتحدة مجلس الامن الدولي الى اتخاذ موقف اكثر تشددا تجاه ليبيا ، فيما اشارت وسائل اعلام غربية الى ان مجلس الامن لايزال منقسما، فبعد يوم كامل من المحادثات وراء أبواب مغلقة، لم تجد الضغوط البريطانية الفرنسية في إقناع بقية الاعضاء بتأييد مشروع قرار فرض الحظر الجوي. وقالت السفيرة الامريكية لدى الاممالمتحدة سوزان رايس: "ان واشنطن تدعو اعضاء المجلس لمناقشة اجراءات اضافية لحماية المدنيين في ليبيا" ، معتبرة فرض منطقة لحظر الطيران اجراء غير كاف. من جانبه قال ابراهيم الدباشي نائب السفير الليبي لدى المنظمة الدولية والذي التحق بالثورة، قال "ان خمس دول عربية اعربت عن استعدادها للمشاركة في فرض حظر جوي على ليبيا". بدوره قال سناتور أمريكي ديمقراطي بارز إن عدم تحرك الولاياتالمتحدة بسرعة وقوة في ليبيا يضيع منها "فرصة غير عادية" وان سمعة واشنطن قد تتأثر نتيجة لذلك لعشرات السنوات القادمة. وحث السناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي الولاياتالمتحدة على فرض حظر جوي على ليبيا والتفكير في خطوات أخرى لتفادي حدوث أزمة انسانية. وسئل كيري عما اذا كان سيذهب إلى أبعد من ذلك ويضغط من أجل تسليح المعارضين لحكم القذافي قال "أعتقد أن كل الخيارات يجب أن تبحث. يجب أن تكون على الطاولة." لكنه لم يصل إلى حد تأييد مثل هذه الخطوة. وصرح كيري بأنه سيكون هناك "مردود قومي كبير" اذا تمكنت الولاياتالمتحدة من استخدام مطلب التغيير في الشرق الاوسط "لتؤكد قيمة الديمقراطية وتوجه ضربة قوية الى قوى التشدد". أما السفير الروسي لدى الاممالمتحدة فيتالي تشوركين فقال "ان روسيا قدمت الاربعاء اقتراحا مضادا لمشروع القرار المطروح ينص على وقف اطلاق نار من قبل جميع اطراف النزاع". وكانت روسيا والصين متحفظتين على فكرة فرض منطقة حظر جوي ، كما اعربت المانيا والهند وجنوب افريقيا عن تحفظات بهذا الخصوص. وفي وقت سابق قالت فرنسا انها تلقت تاكيدات من العديد من الدول العربية بانها ستشارك في فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا. وقال الان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي إن من شأن فرض الحظر أن يعمل على تحييد السلاح الجوي التابع للقذافي. فيما دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اعضاء مجلس الامن الدولي الى "دعم" طلب الجامعة العربية من اجل اقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا وذلك في رسالة وجهها أمس الاربعاء الى قادة الدول الممثلة في المجلس.