مكة أون لاين - السعودية غرّد المفكّر والناقد المعروف الدكتور سعد البازعي عبر حسابه في تويتر قبل أيام قائلا: (الليلة في الملتقى الثقافي بجمعية الثقافة والفنون موعدكم مع فن رفيع يقدمه العازف والباحث الموسيقي خليل المويل ...)، وعلّقتُ على التغريدة (مرفقا حساب هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) طالبا الهيئة بأن تبادر لوقف هذه الفعالية (التغريبية)، وبغض النظر عن كون ردي ساخرا أو جادا، كما تساءل البعض، فإنني في ردي ذلك كنت أمثل أغلبية المجتمع، فنحن ندرس من الابتدائية حتى ما بعد الجامعة أن الغناء حرام بإجماع جمهرة العلماء، وأن سماع الأغاني معصية كبيرة، وهو نفس الكلام الذي نسمعه من العلماء ومن خطباء المساجد ومن الآباء، ومع ذلك يستغرب البعض من طلبي لوقف الفاعلية، ليس بوصفها مجرد معصية، بل أن الأمر (مجاهرة بالمعصية) والدعوة علنا لها، وبمكان رسمي (جمعية الثقافة والفنون) التي تشرف عليها الدولة. فأنا هنا أحاول أن أتخلص من الفصام، فوزارة التعليم تعلمني منذ الطفولة أن الأغاني معصية، وجمعية الثقافة والفنون تدعوني لحضور فعالية موسيقية، والجهتان تحت مظلة حكومية، والمناهج التعليمية والفتاوى الشرعية تقول إن الأغاني معصية، أي إن الدعوة للفعالية لا يمكن إلا أن تكون مجاهرة بالمعصية أو مستحلا لها، وطبعا المجاهر بالمعصية لا يكفر، كما تعلمنا من علمائنا الأفاضل، إذن وبناء على ما تقدم تكون الصورة كالآتي: سماع الموسيقى حرام، والجمعية تدعو لذلك، إذن هي تجاهر بالمعصية (المناهج الدراسية لا تذكر خلافا حول الموضوع)، لذا من الطبيعي أن نطلب (كمخرجات للتعليم الرسمي والفتاوى الشرعية) من الهيئة أن تقوم بدورها تجاه إلغاء الفعالية، وإذا تأخرت الهيئة فسنقوم (بالاحتساب) كمجتمع ونبادر بأنفسنا، وبالتأكيد وقتها سيأتي من يتساءل عن الفوضى التي يقوم بها محتسبون غير رسميين، وكأن المواطن/ المحتسب هو من يتحمل نتيجة الازدواجية بين الجهات الرسمية، وبعد ذلك يأتي من ينظّر عن أسباب التّطرف؟ التطرف قد لا نكون نحن نصنعه، لكننا بكل تأكيد هيأنا له البيئة، فلو قلنا إن الموسيقى مسألة خلافية - وهو ما لا تقوله مناهجنا - فستكون النتيجة ببساطة أن من اقتنع برأي من يرى حرمة الغناء فلن يجبره أحد لحضور الفعالية، ومن اقتنع أن رأي المجيزين أكثر صوابا فهو حُر، وقتها لن يأتي من يعاني من الازدواجية - مثلي - فيطلب من الجهات الرسمية أن توقف الفعالية، وهذا الطلب ليس اعتباطا، بل هو تنفيذ لقناعات ومبادئ درستها لعقود حتى آمنت بها، ولهذا أتذكر موقفا منذ سنوات عند حضوري إحدى الفعاليات الثقافية وفوجئت بقلّة الحضور، وعندما سألت المنظمين عن عدم الإعلان عن الفعالية أتاني الجواب صريحا صادقا: لا نريد أن يعرف كل الناس عن هذه الفعالية، لأن كل هذا الجهد يستطيع (محتسب متحمس) أن يلغيه ببساطة!وأخيرا ..هل الموسيقى حرام..نسمع أو نحتسب؟